عنوان الفتوى : عقد النكاح لأخته وهو محرم بعمرة لم يكملها وتارك للصلاة ، في حضور عمها
كنت شاب طائش في أوائل العشرين من عمري عندما ذهبت بوالدتي الى مكة في رمضان للعمرة , وأحرمت من الميقات ثم ضاق الوقت علي في مكة ولم أعتمر , فلبست ثيابي وقلت لوالدتي : إنني اعتمرت !! وفي شوال من السنة التالية بعد 13 شهر تم عقد نكاح أختي ، وكنت أنا الولي , علماً بأن كل مراسم الزواج كانت عن طريق عمي , وعمي كان حاضراً وقت إجراء عقد النكاح ، وأنا مجرد شكل قانوني للزواج . بعد ذلك عرفت أن هناك مشكلة وذهبت إلى مكة ، وأكملت العمرة ، وما زالت قضية العقد في بالي رغم مرور أكثر من 10 سنوات عليها . فهل بقي شيء في ذمتي لتجاوز ذلك الخطأ , علماً بأني لم أكن أصلي في تلك الفترة لا متقطع ولا متباعد .
الحمد لله
يشترط لصحة نكاح المرأة أن يعقده وليها في حضور شاهدين عدلين .
ويشترط في ولي المرأة المسلمة : أن يكون مسلما ، حلالا ، أي غير محرم بحج أو عمرة ؛ لما روى مسلم (1409) عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّان قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ ).
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَا يَنْكِح ) فَمَعْنَاهُ لَا يُزَوِّج اِمْرَأَة بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَة ، قَالَ الْعُلَمَاء : سَبَبه أَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ فِي مُدَّة الْإِحْرَام مِنْ الْعَقْد لِنَفْسِهِ صَارَ كَالْمَرْأَةِ فَلَا يَعْقِد لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ ... وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْي عَنْ النِّكَاح وَالْإِنْكَاح فِي حَال الْإِحْرَام نَهْي تَحْرِيم , فَلَوْ عَقَدَ لَمْ يَنْعَقِد سَوَاء كَانَ الْمُحْرِم هُوَ الزَّوْج وَالزَّوْجَة أَوْ الْعَاقِد لَهُمَا بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَة , فَالنِّكَاح بَاطِل فِي كُلّ ذَلِكَ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله: ( ويحرم عقد نكاح ) ، أي على الذكور والإناث، هذا هو المحظور السابع من محظورات الإحرام.
ودليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب ) ، وسواء كان المحرم الولي، أو الزوج، أو الزوجة ، فالحكم يتعلق بهؤلاء الثلاثة...
قوله: ولا يصح ، الضمير في قوله: لا يصح يعود على العقد، أي: لو عقد على امرأة محرمة لزوج حلال فالنكاح لا يصح ، ولو عقد لزوج محرم على امرأة حلال فالنكاح لا يصح، ولو عقد لرجل محل على امرأة محلة ، والولي محرم لم يصح النكاح.
لأن النهي وارد على عين العقد ، وما ورد النهي على عينه فإنه لا يمكن تصحيحه، إذ لو قلنا بتصحيح ما ورد النهي على عينه ، لكان هذا من المحادة لله ولرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ لأن ما نهى الشارع عنه إنما يريد من الأمة عدمه ، فلو أٌمْضِي كان مضادة لله ولرسوله" .
انتهى من "الشرح الممتع" (7/ 151).
وتارك الصلاة كافر ، ولو كان تركه لها تهاونا وكسلا ، فلا يصح أن يكون وليا في النكاح ، وينظر : جواب السؤال رقم (5208) .
وعليه فعقدك لأختك لا يصح ؛ لأمرين :
الأول : أنك كنت على إحرامك ، لم تكمل عمرتك وتتحلل منها ، ومن أحرم بالعمرة ، لزمه إتمامها ، ولا تنفسخ ولو نوى فسخها ، بل يظل محرما حتى يتحلل .
والثاني : أنك كنت تاركا للصلاة .
ووجود عمك ورضاه لا يصحح العقد ؛ لأن الإيجاب لم يصدر منه .
وعلى اعتبار سكوته ورضاه توكيلا في العقد ، فإنه قد وكّل محرِما تاركا للصلاة .
والوكيل المحرم ليس له أن يعقد النكاح لأحد ، كما سبق في كلام النووي .
وتارك الصلاة لا يجوز أن يكون وكيلا في عقد النكاح أيضا .
قال في "مطالب أولي النهى" (3/433) : " فلا يصح أن يتوكل في شيء إلا ممن يصح منه لنفسه , ( فلا يصح أن يوجب ) عن غيره ( نكاحا ، من لا يصح ) منه إيجابه ( لموليته ) لنحو فسقٍ ؛ لأنه إذا لم يجز أن يتولاه أصالة , فلم يجز بالنيابة ; كالمرأة , ( ولا يقبله ) ; أي : النكاح ( من لا يصح منه ) قبوله ( لنفسه ) ; كالكافر يتوكل في قبول نكاح مسلمة لمسلم " انتهى .
والواجب الآن تجديد عقد النكاح ، ولا يشترط حضور مأذون ، بل تعقده مع الزوج في حضور شاهدين عدلين .
ولك أن تقول للزوج : إنك كنت محرما ؛ لعدم تمام عمرتك ، أو لعدم صحتها لسبب من الأسباب ، أو لكونك تاركا للصلاة في ذلك الوقت .
وهذا التجديد لا يؤثر على نسب الأولاد الذين نتجوا عن ذلك النكاح ، فهم منسوبون لأبيهم .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري |
---|
عقد النكاح لأخته وهو محرم بعمرة لم يكملها وتارك للصلاة ، في حضور عمها |