عنوان الفتوى : هل تشترط صيغة معينة للنكاح
لقد قمت بإجراء عقد زواجي الشرعي الأسبوع قبل الماضي في بيت عائلة زوجتي في الجزائر، و لقد تكفل أبوها بإحضار الإمام كي يعقد لنا، و لكن عند العقد تكلم الإمام عن شروط الزواج أي المهر والشهود و الولي حيث إن هذه الشروط كانت متوفرة، و لكن لم يذكر الإمام شرط الصيغة أي الإيجاب و القبول, و كان أبي جالسا على يسار الإمام و أبو زوجتي على يمينه، فطلب من أبي اسمي ثم طلب من أبي زوجتي اسمها، ثم قال لقد تزوج فلان مع فلانة فقولوا نعم [أي ذكر اسمي و اسم زوجتي] ثم قال كل الحاضرين مع أبي و أبيها كلمة نعم، ثم كرر الإمام تلك الجملة فقال الحاضرون و والدانا نعم, ثم قرأ الإمام و الحاضرون سورة الفاتحة, ثم ختم الإمام المجلس. فهل هذا العقد بدون الصيغة صحيح؟و بارك الله فيكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صيغة النكاح ركن من أركان عقد النكاح التي لا يصح النكاح إلا بها، ويقصد بها الإيجاب والقبول من قبل طرفي العقد، وراجع الفتوى رقم 7704. فإن كان الأمر قد تم على ما ذكرت، فالظاهر أنه صحيح.
جاء في المغني لابن قدامة: مسألة: قال: وإذا قال الخاطب للولي: أزوجت؟ فقال: نعم، وقال: للزوج، أقبلت؟ قال: نعم، فقد انعقد النكاح إذا حضره شاهدان. انتهى.
بالإضافة إلى أن الراجح من كلام أهل العلم أن النكاح لا تشترط له صيغة معينة، بل ما عده الناس نكاحاً فهو نكاح بأي صيغة كان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: ينعقد النكاح بما عده الناس نكاحاً بأي لغة ولفظ وفعل كان، ومثله كل عقد. انتهى.
وقال أيضاً: وما ذكره بعض أصحاب مالك وأحمد من أنه لا ينعقد إلا بهذين اللفظين بعيد عن أصولهما، فإن الحكم مبني على مقدمتين: أحدهما: إنما نسمي ذلك كناية وأن الكناية تفتقر إلى النية، ومذهبهما المشهور أن دلالة الحال في الكنايات تجعلها صريحة ويقوم مقام إظهار النية، ولهذا جعل الكنايات في الطلاق والقذف ونحوهما مع دلالة الحال كالصريح، ومعلوم أن دلالات الأحوال في النكاح من اجتماع الناس لذلك، والتحدث بما اجتمعوا، فإذا قال بعد ذلك ملكتكها بألف درهم علم الحاضرون بالاضطرار أن المراد به الإنكاح، وقد شاع هذا اللفظ في عرف الناس حتى سموا عقده أملاكاً وملاكاً. انتهى.
وسبق أن بينا أن العقد إذا تم بحضور ولي المرأة والزوج والشهود وقبلوا ذلك، وكان الناس يعدون ذلك نكاحا صحيحا فهو صحيح، لأن إمضاء الزوج والولي على الصيغة المتفق عليها وتوكيلهما لمن يتلوها عنهما ويقوم مقامهما في ذلك دليل على القبول عرفا. وراجع الفتوى رقم 99985.
والله أعلم.