عنوان الفتوى : ما يجوز من الاختلاط في ضوء االكتاب والسنة
طرحت هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجود الرجال والنساء في مكان واحد جائز إذا أمنت الفتنة وروعيت ضوابط الشرع، والأدلة على جواز ذلك مستفيضة في الكتاب والسنة وكلام أهل العلم، فمنها أن النساء كانوا يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف الرجال من غير حائل، ومنها خروج بعض النساء مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات، ففي صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى.
قال النووي رحمه الله: فِيهِ خُرُوجُ النِّسَاءِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِنَّ فِي السَّقْيِ وَالْمُدَاوَاةِ وَنَحْوِهِمَا، وَهَذِهِ الْمُدَاوَاةُ لِمَحَارِمِهِنَّ وَأَزْوَاجِهِنَّ وَمَا كَانَ مِنْهَا لِغَيْرِهِمْ لَا يَكُونُ فِيهِ مَسُّ بَشَرَةٍ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وَيَجُوزُ الاخْتِلاطُ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ مَشْرُوعَةٌ مَعَ مُرَاعَاةِ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ وَلِذَلِكَ جَازَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ لِصَلاةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلاةِ الْعِيدِ، وَأَجَازَ الْبَعْضُ خُرُوجَهَا لِفَرِيضَةِ الْحَجِّ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ مِنَ الرِّجَالِ، كَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ مُعَامَلَةُ الرِّجَالِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَقَدْ سُئِلَ الإِمَامُ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ الْعَزَبَةِ الْكَبِيرَةِ تَلْجَأُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَقُومُ لَهَا بِحَوَائِجِهَا، وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ، هَلْ تَرَى ذَلِكَ لَهُ حَسَنًا؟ قَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، وَلْيُدْخِلْ مَعَهُ غَيْرَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَلَوْ تَرَكَهَا النَّاسُ لَضَاعَتْ.
والله أعلم.