عنوان الفتوى : الفرق بين القرض الربوي والمضاربة
أريد أن أستفسر بخصوص القروض: القرض حرام، لأن البنك يحدد نسبة في المكسب فقط، فلو فرضنا أن البنك حدد نسبة للمكسب والخسارة فكيف يضمن حقه؟ أليس من الممكن أن يزور المقترض أوراقا بأنه خسر، وبهذا فالبنك لن يستدرك خسائره، وأساسا الذين يقترضون هم الذين يمكن أن يجعلوه حلالا أو حراما، يعني أن البنك يخرج الأموال على أساس مشروع استثماري والمقترض يأخذه ويسدد به ديونه، فهو الذي خالف، وأخيرا: سؤالي أنني دخلت مشروعا منذ فترة قصيرة وأحتاج سيارة ومبلغا معها، فلو أخدت قرضا من البنك وكسبت إذن البنك فالمفروض أن تبقى فيه نسبة على المكسب وسددت الأقساط وكأنني أدخلته شريكا معي واشترط نسبة في المكسب، لئلا أتهاون بالمال، فهل هذا حرام أم حلال؟ أريد التوضيح وآسف لو تدخلت فيما لم أتعمق فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن لديك شبهات حول منع الاقتراض بفائدة ربوية وتريد إباحة ذلك قياسا على شركة المضاربة مع أن الصورة التي ذكرتها لشركة المضاربة لا تجوز، وهي ما إذا اشترط رب المال ربحا معينا يؤديه إليه العامل، لأنها تؤول إلى كونها قرضا بفائدة، فتفسد بسبب ذلك، ولا تصح المضاربة إلا إذا كان العامل غير ضامن لرأس المال، وأن لا يتم تحديد الربح بمبلغ معين، وإنما بنسبة لكل منهما كنصف إن حصل ربح، وإن حصلت خسارة كانت في رأس المال ولا يتحملها العامل، وشتان بين ذلك وبين القرض المضمون في ذمة آخذه وعليه فائدة ربوية وقد تزداد كلما تأخر في السداد، ولو أراد البنك ربحا جائزا فليبع للعميل سلعة يملكها بثمن معلوم ولو كان الثمن أكثر من قيمتها في السوق وفق بيع المرابحة ونظام التقسيط مثلا، كما بينا في الفتوى رقم: 65317.
وهذا هو ما تفعله البنوك الإسلامية غالبا فتربح من خلاله ولا تقع في الربا، وقد قال تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة:275}.
وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29}.
فالربح في التجارة مباح، والربح في القرض محرم، ولما منع منه الشارع الحكيم قال الكفارالبيع مثل الربا، فأنزل الله: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة:275}.
فالقرض مبناه في الشرع على الإرفاق والإحسان، وفي أخذ العوض عليه دفع لهذا المقصد الشرعي، ولذلك جاء في القواعد الشرعية: كل قرض جر نفعا فهو ربا ـ وبالتالي، فإن كنت تريد أخذ سيارة أو مالا فعليك أن تسلك السبل المشروعة للحصول على ذلك من خلال معاملة مرابحة أو تورق مع بنك إسلامي بأن تطلب منه أن يشتري لك سيارة تكون قيمتها بقدر المبلغ الذي تريد الحصول عليه مثلا فيشتري السيارة لنفسه أولا ثم يبيعها لك بسعر تتفقان عليه يقسطه عليك إلى آجال محددة ثم تبيعها أنت لشخص ثالث ونحو ذلك من المعاملات المشروعة، كما بينا في الفتويين رقم: 45858، ورقم: 122156.
والله أعلم.