عنوان الفتوى : العلة في أقامة الحد على المرتد
السلام عليكم ، كيف يكون لا إكراه في الدين مع ذلك كان المسلمون يقومون بالغزوات و يقيمون الحد على المرتد ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمعنى قوله تعالى:لا إكراه في الدين... كما قال ابن كثير رحمه الله: أي لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام، فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً
وقال ابن سعدي رحمه الله: ولا منافاة بين هذا المعنى وبين الآيات الكثيرة الموجبة للجهاد، فإن الله أمر بالقتال ليكون الدين كله لله ولدفع اعتداء المعتدين على الدين.
وأجمع المسلمون على أن الجهاد ماض مع البر والفاجر، وأنه من الفروض المستمرة الجهاد القولي والجهاد الفعلي.
ومن هنا نعلم أن المسلمين ما كانوا يغزون ولا يقاتلون ليكرهوا الناس على الدخول في الدين، وإنما كانوا يقاتلون ليرفعوا راية لا إله إلا الله حتى تكون كلمة لله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
وأما الذين كانوا مسلمين فارتدوا على أعقابهم فهؤلاء لهم أحكام كثيرة فصلها الفقهاء في كتبهم، وما يقام عليهم من الحد ليس لإكراههم على الدخول في الدين، وإنما عقوبة لهم على كفرهم برب العالمين بعد أن اتضحت لهم سبيل الهدى واستظلوا بظل الإسلام واطلعوا على سماحته وصلاحيته لكل الناس وعلموا أنه هو الدين الحق المنزل من عند الله. ويجب التنبه إلى أن حد الردة كغيره من الحدود التي لا يقيمها إلا السلطان، فلا يجوز لأفراد المسلمين إقامتها.
والله أعلم.