عنوان الفتوى : خَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ
لدي علاقة مع فتاة منذ ست سنوات ، والمشكلة أنها نشأت بين عائلة راقية جداً ، ولا تعلم شيئاً عن تعاليم الإسلام ، هي بنفسها لا تعلم أي شيء عن الإسلام ، غير أنها تصلي و تقرأ قصار السور ، ولا تلبس أي نوع من أنواع الحجاب ، فأمها لا ترى أنه واجب أن تفعل ذلك ، أنا أيضاً لم أكن متديناً حتى عام مضى ، ثم عدت و بدأت أتعلم أشياء عن السنة ، وبدأت أعيش على السنة ، وفي الوقت الذي كنا نرتب فيه للقيام بإجراءات الزواج ، وقد أنفق والدها أموالا كثيرة من أجل حفل الزفاف ، رفضت أنا الزواج حتى ترتدي ( فستان إسلامي ) ، ولكنها رفضت أن تفعل ذلك لأسباب غير معلومة . ( أظن أنها أسباب عائلية ، لأن أباها لم يكن يحب السنة بالشكل الكافي ، ولا يحبها أن ترتدي الحجاب ) ، ولكنها قالت إنها سوف تغطي رأسها بعد الزواج ، ولكني لم أعطها تلك الفرصة ، وتركتها . و مرة أخرى فيما بعد ، شعرت بالحزن لما فعلته تجاهها ، وأردت الزواج منها لأنها كانت حزينة جداً ، وبكت كثيراً ، وكانت تعيش حياة منعزلة ، والشيء الآخر أنها كانت تصلي الصلوات اليومية ، وكان إيمانها بالله قويا جداً ، وكذلك بالنبي محمد ( صلى الله عليه و سلم ) و قد بدأت تصلي النوافل ، وبدأت تتعلم قليلاً عن الإسلام . وكانت دائماً شخصية خانعة وتسير خلف كلام أبويها ، ولديها صفات جيدة جداً أيضاً ، ولهذه الأسباب فكرت في الزواج منها ، ثم تعليمها شيئاً فشيئا عن الإسلام . ولكن لا يسمح أبوها الآن بالزواج لأن لدي لحية كبيرة ، وأعيش على السنة ، ويظن أبوها أني سوف أستعبدها وأعاملها معاملة سيئة . أرجو بذل النصح لي في هذا الأمر .
الحمد لله
أولا :
لا شك أن العلاقة بين الرجال والنساء الأجانب محرمة وقد سبق أن نبهنا على ذلك مرارا
في أجوبة كثيرة منها (93450) و(26890)
أردنا أن نذكرك بخطورة هذه العلاقة والذي دعانا إلى ذلك قولك في سؤالك : " لدي
علاقة مع فتاة منذ ست سنوات "
ونحمد الله تعالى أن من عليك بنعمة الاستقامة والالتزام والتوبة .
ثانيا :
قد سبق في موقعنا بيان من هي ذات الدين التي ينبغي للرجل أن يبحث عنها إذا أراد أن
يتزوج وذلك في جواب السؤال رقم (96584)
.
وعلى هذا الأساس يجب أن يختار العاقل من تصحبه في الدنيا , فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ) رواه
مسلم (1467) وابن ماجه (1855) ولفظه ( إِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَلَيْسَ مِنْ
مَتَاعِ الدُّنْيَا شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا ،
وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ
تَرِبَتْ يَدَاكَ ).
رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 14660)
ثالثا :
الأمر الجوهري في طبيعة علاقتك مع هذه الفتاة وأسرتها أن يعلموا ما أنت عليه من
الالتزام ، والحرص على الدين والسنة ، سواء كان في مظهرك وشكلك ، أو طبيعتك
ومعاملات ، أو زوجتك وبيتك ؛ فيجب أن يعلموا أن الأساس الذي تقوم عليه حياتك هو
الدين ، وأنه ليس من حقهم أن يتحكموا في شيء من ذلك ، ولا أن يتدخلوا في خصوصياتك ،
لا سيما ما يتعلق منها بأمر الدين والسنة .
وحينئذ : فإذا كان أبوها رافضا للزواج من أجل السبب الذي ذكرته : فلا عليك به ، ولا
عليك بهم أصلا ، واترك هذه الفتاة وشأنها ، وابحث لك عن بيت آخر ، وزواج آخر يقبل
بك ، وبما أنت عليه ، ويتوافق هو معك ، لا أن يطلب منك أن تتنازل ليقبل هو بك .
وهكذا أمر الفتاة : فمع ما ذكرته لنا من الصفات الطيبة فيها : فالمشكلة الأساس هي
ما تقوله أنت من أنها خانعة تابعة لأمر أبويها في كل شيء ، حتى إنها ترفض أن تلبس
الحجاب ، أو الزي الإسلامي قبل الزواج ، نعم ، لو كنت تشعر أنها كارهة لآراء أسرتها
، وأنها راغبة فيما أنت عليه من الدين والالتزام ، لكنها لا تقدر الآن على معارضة
أسرتها ، وأنها متى انتقلت إليك : كانت طوع أمرك ، ومشت على طريقك في الالتزام
بالحجاب ، وعمل السنة : لقلنا نعم ، اجتهد في الزواج بها ، وأخرجها من البيئة التي
لا تعينها على الطاعة .
لكن ، إذا كانت منقادة لآراء أسرتها ، فإننا لا ننصحك بالاقتران بها أصلا ، لأن هذا
من شأنه أن يسبب مشكلات عديدة فيما بعد بينكما ، وقد يصعب استمرار الحياة بينكما ،
والحال ما ذكرت .
والخلاصة :
أننا لا ننصحك بالإقدام على مشروع الزواج الذي ذكرته ، لما يحف به من المخاطر التي
قد تهدمه من أساسه .
نعم ، لو قبلوك على ما أنت عليه ، دون شرط يتعلق بحياتك واختيارك لنفسك ، أو تدخل
في خصوصياتك ، وعلمت أن الفتاة سوف تعينك على ذلك ، فهنا فقط نقول لك : لا بأس أن
تتزوج بها .
ونسأل الله أن يلهمك رشدك ، ويرزقك الزوج الصالحة .
والله أعلم .