عنوان الفتوى : الاتفاق قبل بيع المرابحة هو مواعدة وليس بيعا
مما فهمته من موقعكم الرائع أن من شروط بيع المرابحة أن لا يكون طلب الشراء موجبا للشراء، فمثلا طلبت من أحد التجار أن يشتري سيارة على أن أشتريها منه بربح معلوم، فهل إن كنت مجبرا على شرائها بعدما اشتراها سيبطل صحة عقد المرابحة أم لا؟ علما أنه تقريبا لا يوجد أحد مستعد لشراء سيارة ثم تقول له إني عدلت عن الفكرة ولا أريد شراءها، لأنه اشتراها وفقا لطلبك ومواصفاتك، أرجو منكم التكرم بإجابة وافية. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاتفاق قبل البيع بين الآمر بالشراء والبنك أوغيره إنما هو مواعدة لا بيع، ويصح جعلها مواعدة ملزمة لا بيعا ملزما، والفرق بينهما أنه إن أخلف وعده وتراجع عن الشراء فإن البنك ـ المأمور بالشراء ـ يرجع عليه بالضرر الفعلي الذي لحقه من وراء وعده إياه بالشراء، فيخير بين المضي في البيع وبين التعويض عن الضرر، ومعنى هذا أنه إن لم يلحقه ضرر فليس له عليه شيء، وهذا هو المفترض فيما تفعله البنوك الإسلامية وغيرها بحسب الشريعة، فإن خالفت وجعلت المواعدة إلزاما بالشراء لا غير فقد خالفت الشريعة، لأنها بذلك كأنما أجرت عقد البيع قبل تملك السلعة، وبالتالي فكونك ملزما بوعدك في شراء السلعة أوتحمل الضرر الناتج عن خلفك للوعد لا يؤثر في صحة بيع المرابحة، وضابط المواعدة هو ما جاء في قرار المجمع الفقهي وفيه: المواعدة ـ وهي التي تصدر من الطرفين ـ تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز، لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده. اهـ
ولضمان جدية الآمر بالشراء وعدم نكوله عن وعده، فإن البنوك تأخذ قسطا مقدما يسمى في المعاملات الحديثة بالقسط الفوري أو هامش الجدية في المرابحة، وهذا المبلغ يأخذه البنك الذي يبيع للعميل لضمان جديته في الشراء وهو جائز، كما بينا في الفتوى رقم: 15898.
والله أعلم.