عنوان الفتوى : زكاة من دخل في شركة مضاربة
فضيلة الشيخ /نفع الله المسلمين بعلمكم. شاركت أحد الإخوة بمبلغ كبير من المال فى تنمية عمله, والذي هو دار لطباعة ونشر وتوزيع الكتاب الإسلامي, ولم يكن بيننا من مستندات إلا شيك مصرفى بالمبلغ, واتفقنا شفويا على استثمار هذا المبلغ فى نشاط الدار, على أن يصلني مبلغ شهري (2% من رأس المال) من تحت حساب الأرباح , للمساعدة على المعيشة, حيث إنني من أرباب المعاشات, على أن تسوى الأرباح في الشهور الأولى من السنة التالية, وإذا أردت الانسحاب من الشركة والتصفية, أخطره قبل الموعد بشهرين . وأخذ فى تنفيذ بنود هذا الاتفاق, وكان يوافيني ببيان تفاصيل التسوية كتابة في كل عام . ثم أخذت الأحوال بعد ذلك فى التحول للسيئ نظرا لكساد أسواق الكتاب بصورة عامة, وأصبحت تتناقص الأرباح سنة بعد سنة, فطلبت منه التصفية وإعادة مالي، وهنا بدأت المماطلة وظللنا على هذا الحال سنتين حتى الآن, الأمور تتدهور , ولا يستطيع أن يعطيني مالي, بحجة أنه ليس لديه سيولة تفي بالمطلوب , ولا هو أصبح ينتظم في دفع الدفعات الشهرية المتفق عليها. لكن الأصول موجودة, ولديه مطبوعات بكميات كبيرة ربما تفوق الأموال المطلوبة, لكنه لا ولن يبيع منها بهذه المبالغ دفعة واحدة, لأن حصيلة مبيعاته يتقاسمها بيني وبينه وبين نفقات الدار المختلفة , (يعنى اللى جاى رايح) . وبالتالى لا أمل حاليا في استعادة المال على هذه الحال . وكنت طوال هذه الفترة السابقة أخرج زكاة مالي الذى لديه , بالإضافة إلى ما لدي من مال آخر , لكن الأرباح التى كنت أتقاضاها منه (شهريا) كنت أنفقها أولا بأول, وأخرج منها الزكاة مقسطة مقدما على مدار العام, ثم أسويها فى نهايته. الأسئلة: 1-هل هذه الطريقة فى الاستثمار بها أي شبهة أو مخالفة شرعية؟ 2-هل إخراج الزكاة على هذا النحو جائز شرعا؟ 3-هل احتسابي الزكاة على أصل المال دون الأرباح التى تنفق أولا بأول صحيحة؟ 4-الآن والأرباح آخذة فى النقصان , وعدم الانتظام فى سداد دفعات الأرباح المقدمة , وعدم استطاعتي الحصول على رأس مالي بفض الشركة , هل مع كل ذلك ما زال يتوجب علي إخراج زكاة هذا المال؟ فضيلة الشيخ أفيدنا جزاك الله خيرا , ونفع بك وبعلمك , وغفر الله لك ولوالديك.....آمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدفع شخص ماله إلى آخر ليعمل فيه مقابل حصة شائعة من الربح شركة مضاربة جائزة.
قال الخرقي من الحنابلة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز. انتهى.
وأنت قد شاركته بمالك فقط كما ذكرت، والشركات في الإسلام تقوم على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، واشتراط ضمان رأس المال فيها أو ربح معلوم يفسدها ، كما بيناه في الفتوى رقم: 34799
وبالتالي فإن كان العقد بينكما يقتضي ضمان صاحبك لرأس المال فهي مضاربة فاسدة، وعند فساد المضاربة يكون الربح لرب المال ويعطى العامل أجرة مثله.
قال البهوتي في كشاف القناع: وإن فسدت المضاربة فالربح لرب المال، لأنه نماء ماله، والعامل إنما يستحق بالشرط، فإذا فسدت فسد الشرط فلم يستحق شيئاً وللعامل، إذا فسدت أجرة مثله. انتهى..
وأما لو لم يكن في العقد بينكما ما يقتضي ضمان صاحبك لرأس المال وإنما يعطيك النسبة المذكورة من الربح إن حصل ربح؛ وإلا فلا فهي مضاربة صحيحة، ولك المطالبة بفسخها وعلى صاحبك أن يجيبك إلى ذلك لأن الشركات من العقود الجائزة لا اللازمة، وخالف المالكية فذهبوا إلى أن للشريك الامتناع من الفسخ إلى أن ينض رأس المال فيصير نقودا كما بينا في الفتوى رقم 103102 لكن صاحبك لايريد تنضيض المكتبة وفي ذلك إضرار بك فعليه أن يجيبك إلى فسخ الشركة.
وأما الزكاة فما بلغ نصابا وحال عليه الحول من رأس المال والربح تابع له فتجب فيه الزكاة ربع العشر، وأما ما أنفقته من أرباح أو من رأس المال قبل حولان الحول فلا زكاة فيه، وبالتالي فالواجب عليك هو أن تنظر عند حولان الحول إلى ما هو موجود من رأس المال وربحه فتخرج زكاة ذلك، فإن لم تؤد الزكاة بعد وجوبها فإن ذلك لا يسقط حق الزكاة فيما أنفقته لترتبها في ذمتك بعد وجوبها.
والله أعلم.