عنوان الفتوى : حكم المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي
جزاكم الله خيرا، وثبت على طريق الحق خطاكم، وجعلكم للمتقين إماما. شيخي الكريم أنا أخوكم في الله من تونس، وأنتم على علم بما حدث عندنا من ثورة وما سيحصل خلال أيام من انتخابات، وقد التبس علينا أمرنا فنرجو إفادتنا في الموضوع لأنه خلال أيام ستشهد بلادنا انتخابات مايسمى بالمجلس التأسيسي، هذا المجلس سيتولى إعداد دستور جديد للبلاد على اعتبار أنه تم تعليق العمل بالدستور القديم، ولكن ظهر من بيننا من يقول بحرمة انتخاب هذا المجلس نظرا إلى أنه سيتولى مهمة تشريع أحكام، والحال أن الحكم لله ولا يجوز لأحد أن يشرع ويترك شرع الله جانبا، وظهر أناس آخرون يقولون بضرورة انتخاب الأقرب للمنهج السليم وللدين الإسلامي حتى لا نترك المجال لليساريين والشيوعيين الذين يتربصون بالهوية الإسلامية للبلاد ويريدونها علمانية. أفتونا يا شيخي جزاكم الله خيرا هل نذهب للانتخاب ونختار الأقرب للمنهج الإسلامي علما أنه ليس هناك أحزاب تقول بتطبيق الشريعة الإسلامية لكن هناك من يدافعون على بعض المبادئ فقط وهم عموما أفضل من اليساريين و العلمانيين ودعاة التطبيع. أم أن المسألة باطلة ويكون بذلك الانتخاب حراما لاختيار مشرع غير الله سبحانه وتعالى؟ وختاما أشكر لكم جهدكم وأسألكم الدعاء لنا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشاركة في العملية الانتخابية من مسائل السياسة الشرعية، التي مبناها على فقه المصالح والمفاسد، فمتى غلب خيرها على شرها رجح فعلها، ومتى غلب شرها خيرها رجح تركها، ولا شك أن هذا يتفاوت من بلد لآخر، ومرد هذا الأمر إلى أهل العلم في كل بلد، فإنهم أدرى بملابسات بلادهم.
والذي ينبغي التنبيه عليه هو أنه لا يصح أن يتخذ الخلاف في هذه المسائل خلافاً في الأصول، فإنها من المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف. وقد سبق لنا بيان ذلك وبيان خلاف أهل العلم في هذا المسألة وترجيح ما نراه راجح، فراجع في ذلك الفتويين: 18315، 5141. ولمزيد البيان راجع للأهمية الفتوى رقم: 163601.
والله أعلم.