عنوان الفتوى : إزالة اللبس حول نفقة علاج الزوجة على الزوج

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أحد منكري السنة يطعن في الفقهاء من خلال عدم إيجابهم نفقة علاج الزوجة على الزوج، فكيف نرد عليه؟ قال أحد منكري السنة الذي اعتاد الظهور على الفضائيات ليطعن في الفقهاء ويسبهم: فقهاؤكم لا يوجبون نفقة علاج الزوجة على الزوج، تبقى المرأة تكدح في البيت من أجل الزوج وأولاده وهو يستمتع بها، ثم لما تمرض يقول لها لا أعرفك، هذا كلامه بالمعنى.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن الطعن في السنة وإنكار حجيتها جهل عظيم وضلال مبين، وانظر في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 52104، 99360، 25570.

ومن المغالطة الظاهرة أن يُطعن في السنة بناء على أقوال الفقهاء التي صدرت عن اجتهادهم لا عن نصوص صريحة من السنة، فأقوال الفقهاء ليست وحيا معصوما، بل هي أثر جهد بشري يصيب ويخطئ، فلا تحاكم السنة إلى كلام الفقهاء وإنما يحاكم كلام الفقهاء إلى نصوص الوحي، ومع ذلك فلا بد من التنبيه إلى أنّ التراث الفقهي الذي خلفه الأئمة المجتهدون من أهل السنة لا غنى عنه لمن أراد فهم الشريعة فهما صحيحا، وهذا التراث مفخرة لهذه الأمة وركيزة من ركائز حضارتها وشاهد على بلوغ هؤلاء الفقهاء مبلغا عظيما من العلم ودقة الفهم مع الورع والإنصاف وصدق الاتباع للحق، ولا ينكر ذلك إلا مكابر حاقد أو جاهل بتراثهم وسيرهم وأخلاقهم.

أما بخصوص عدم إيجاب نفقة علاج الزوجة على زوجها، فالظاهر أن قول الفقهاء المتقدمين في هذه المسألة كان مراعيا لظروف عصرهم وعرفهم وعاداتهم، يقول الدكتور وهبة الزحيلي: ويظهر لدي أن المداواة لم تكن في الماضي حاجة أساسية، فلا يحتاج الإنسان غالباً إلى العلاج، لأنه يلتزم قواعد الصحة والوقاية، فاجتهاد الفقهاء مبني على عرف قائم في عصرهم، أما الآن فقد أصبحت الحاجة إلى العلاج كالحاجة إلى الطعام والغذاء، بل أهم.

ومن المعلوم أن الفتاوى تتغير بتغير الأحوال، قال ابن القيم ـ رحمه الله: فَإِنَّ الْفَتْوَى تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْعَوَائِدِ وَالْأَحْوَالِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ دِينِ اللَّهِ.

ولذلك، فإنّ أكثر الفقهاء المتقدمين كانوا يقولون بعدم وجوب التداوي أصلا، والظاهر ـ والله أعلم ـ أن ذلك راجع إلى حال الطب في زمانهم فلم تكن علومه قد بلغت مبلغاً كبيرا فكانت إفادة التداوي مجرد احتمال وليس قطعا أو ظنا غالبا، أما وقد وصلت علوم الطب في زماننا هذا المبلغ، فالقول بوجوب التداوي حيث يغلب على الظن نفعه ويتحقق الضرر بتركه هو الراجح حينئذ، وهذا قول كثير من العلماء المعاصرين، قال ابن عثيمين في حكم التداوي: فالأقرب أن يقال ما يلي: أن ما عُلم، أو غلب على الظن نفعه مع احتمال الهلاك بعدمه، فهو واجب.

ثم اعلم أنّ مسألة عدم إيجاب نفقة علاج الزوجة ليست من مسائل الاتفاق بين الفقهاء المتقدمين، فقد قال بعض الفقهاء بوجوبها، جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل فقه مالكي: عن ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: عَلَيْهِ أَجْرُ الطَّبِيبِ وَالْمُدَاوَاةِ. 
 

وقال الشوكاني: وأما إيجاب الدواء فوجهه أن وجوب النفقة عليه هي لحفظ صحتها، والدواء من جملة ما يحفظ به صحتها.

وسبق أن رجحنا هذا القول في الفتوى رقم: 56114.
والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
ما يجوز أخذه من مال الزوج بدون علمه وما لا يجوز
أخذ المرأة من مال زوجها إذا كانت مكفية من أهله
الواجب عند امتناع الأب عن الإنفاق على زوجته وأولاده
أحكام عدم تكسب الزوج وإنفاق المرأة عليه وعلى أولاده
لا يلزم المرأة الإنفاق على بيتها إلا أن تشاء بطيب نفس
مات زوجها وهي مسافرة فمن يتحمل نفقة رجوعها لبلدها؟
كذب المرأة على زوجها في قدر النفقة لتسدد بالباقي دَينها
ما يجوز أخذه من مال الزوج بدون علمه وما لا يجوز
أخذ المرأة من مال زوجها إذا كانت مكفية من أهله
الواجب عند امتناع الأب عن الإنفاق على زوجته وأولاده
أحكام عدم تكسب الزوج وإنفاق المرأة عليه وعلى أولاده
لا يلزم المرأة الإنفاق على بيتها إلا أن تشاء بطيب نفس
مات زوجها وهي مسافرة فمن يتحمل نفقة رجوعها لبلدها؟
كذب المرأة على زوجها في قدر النفقة لتسدد بالباقي دَينها