عنوان الفتوى : حد الوصل الذي يخرج به المسلم من الهجران والقطيعة
كم مرة يلقي الإنسان السلام على الإنسان الذي يقاطعه، حتى يخرج من القطيعة. يعني: رجل مقاطع لآخر والآخر يريد أن يصطلح معه ويلقي عليه السلام أول وثاني وثالث مرة ولا يرد السلام، ففي النهاية يشعر المؤمن بأنه ذليل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يحرم هجران المسلم فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
فالواجب علي المسلم المبادرة بمصالحة أخيه المسلم، وينتفي الهجران بالسلام عليه عند الجمهور، فإن أعرض عنه ولم يرد عليه سلم المسلم من إثم الهجران وباء المقاطع بالإثم، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاثة أيام، فإذا لقيه سلم عليه ثلاث مرات كل ذلك لا يرد عليه فقد باء بإثمه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وفي الحديث: لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمناً فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم وخرج المسلم من الهجرة. رواه أبوداود وضعف إسناده الألباني.
قال ابن حجر: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده، وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولاً. وقال أيضاً: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم. اهـ من فتح الباري لابن حجر.
وقال الزرقاني في شرحه للموطأ: وخيرهما أي أفضلهما وأكثرهما ثوابا ( الذي يبدأ ) أخاه ( بالسلام ) لأنه فعل حسنة وتسبب إلى فعل حسنة وهي الجواب، مع ما دل عليه ابتداؤه من حسن طويته وترك ما كرهه الشرع من الهجر والجفاء. قال الباجي وعياض وغيرهما: وفيه أن السلام يخرج من الهجران وهو قول مالك والأكثرين، وقال أحمد وابن القاسم: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا. اهـ.
والله أعلم.