عنوان الفتوى : حكم صيام من أكل بعد طلوع الفجر مخطئا
جعلت المنبه للقيام لصلاة الفجر والسحور لصيام الستة من شوال، فأخطأت في الساعة حتى فات وقت الأذان بعشرين دقيقة، وظننت أن الأذان بقي له نصف ساعة، علماً بأننا نقيم في بلد لا نسمع فيه الأذان، وبعد أن تسحرت تبين لي أنني أخطأت في الساعة، وأن الفجر فات منذ نصف ساعة، فهل أتم الصيام؟ أم ماذا أفعل؟ وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول جمهور العلماء أن من أكل أو شرب يظن بقاء الليل ثم تبين أنه الفجر أن صيامه لا يصح وعليه القضاء إن كان ذلك في صيام مفروض، ودليلهم أنه لم يتم صومه حيث أكل بعد طلوع الفجر، وقد قال تعالى: ثم أتموا الصيام إلى الليل { البقرة:187}.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى صحة الصوم، فقال ـ رحمه الله: وهذا القول أصح الأقوال وأشبهها بأصول الشريعة ودلالة الكتاب والسنة، وهو قياس أصول أحمد وغيره، فإن الله رفع المؤاخذة عن الناسي والمخطئ، وهذا مخطئ وقد أباح الله الأكل والوطء حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، واستحب تأخير السحور ومن فعل ما ندب إليه وأبيح له لم يفرط، فهذا أولى بالعذر من الناسي. انتهى.
هذا في الفرض كما قلنا، والنفل كالفرض إلا ما دل الدليل على اختلافهما فيه، وقد دل على اختلافهما في وجوب الإتمام والقضاء، فمذهب الإمام أحمد والإمام الشافعي أن من أفسد صوم التطوع لا يلزمه الإتمام ولا القضاء، قال في المغني: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا أَصْبَحَا صَائِمَيْنِ، ثُمَّ أَفْطَرَا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا بَأْسَ بِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ نَذْرًا أَوْ قَضَاءَ رَمَضَان، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إذَا صَامَ الرَّجُلُ تَطَوُّعًا، ثُمَّ شَاءَ أَنْ يَقْطَعَهُ قَطَعَهُ، وَإِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، ثُمَّ شَاءَ أَنْ يَقْطَعَهَا قَطَعَهَا، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَتَى أَصْبَحْت تُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَنْتَ عَلَى أحد النَّظَرَيْنِ، إنَّ شِئْت صُمْت، وَإِنْ شِئْت أَفْطَرْت هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. انتهى.
فعلى هذا القول إن شئت أن تتم صيام الستة أيام من شوال فعليك أن تصوم يوما مكان هذا اليوم الذي فسد.
والله أعلم.