عنوان الفتوى : ولدت ابناً له أربع أصابع فقط فكيف تتصرف مع هذا الابتلاء ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

وُلد لي ولد بأربع أصابع فقط في يده اليمنى ، وما انزعجت لذلك ، غير أني ليلة أمس كنت أرى صورة ليدٍ يمنى وكيف أن الله أبدع صنع الأصابع والكف وغير ذلك فانفجرت بالبكاء ، صحيح أنه لا حيلة لي في ذلك ، ولا أدري لماذا أصبح ابني هكذا ، مع أنه لا يوجد أحد في العائلة بهذه الحالة ، حتى أخوه الأكبر فهو كامل الخلقة . على ما أظن أن هذا شعور طبيعي تشعر به أي أمّ في مثل حالتي ، إنني أتألم من ذلك ولكني لا أبدي ألمي هذا ولكنني أفكر أحياناً كيف سأواجهه بالإجابة عن سؤاله إذا سخر منه الأولاد في المدرسة حين يكبر فيأتي ويسألني عن ذلك ، فماذا أقول له حينها ؟ .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
إننا نقدِّر – أيتها الأم – مشاعرك تجاه طفلك ، ونعيش معك شعورك عندما ترين ابنك قد ابتلاه الله تعالى بما ذكرتِ ، وإننا سنقف معك وقفات نرجو أن يكون لها أثر طيب عليكِ لمواجهة هذا الابتلاء وحسن التصرف تجاهه .
1. يجب عليكِ التأمل في عظيم حكمة الله فيما يقدِّره تعالى من الأشياء ، وليس خلْقُ ابنك بأربع أصابع خارجاً عما يجب تأمله ، فالله تعالى لا يخلق شيئاً عبثاً إنما يخلقه لحكمة بالغة ، ومنه ما يقدِّره تعالى من إصابة بعض خلقه بإعاقات بدنية تتفاوت فيما بينهما ، ومن أعظم الحكَم في ذلك أن يكون هذا من باب الابتلاء لوالديه ، ثم للابن نفسه إن صار من البالغين المكلَّفين ، وقد بينَّا هذا بتفصيل أوفى في جواب السؤال رقم ( 13610 ) فنرجو مطالعته .
2. نرجو منكِ عدم الالتفات للوراء وعدم الانشغال بالذكريات المؤلمة ؛ فالانشغال بمشاعر الحزن والألم والإكثار منها فيه تعطيل للقيام بالواجبات والعمل لمصلحة الطفل ، وقد يؤدي بكِ – لا قدَّر الله - إلى التسخط والاعتراض على فعل الله تعالى .
3. إننا لا نرى أنَّ خلْق الله تعالى أربع أصابع لابنك فيه عظيم ابتلاء ، فقد أكمل الله له عقله وجعله قادراً على الحركة وهو يأكل وينام ويرى ويسمع في نِعَم عظيمة جليلة تحتاج منكِ لشكرٍ عليها .
4. نوصيك بالاهتمام بطفلك ليكتسب مهارات يتفوق بها على أقرانه ليعوِّض عليه النقص في خِلقته ، فتميزه – مثلاً - بحفظ القرآن وطلب العلم يجعلان منه طفلاً مميزاً يُثنى عليه ولا يشعر معه بالنقص عن أقرانه .
5. تجنبي التعامل معه بعاطفة مجردة ، فلا تظهري أمامه الحزن والأسى حتى لا يشعر بالنقص عن أشقائه وأقرانه .
6. نبِّهي أشقاءه وشقيقاته إلى ضرورة الانتباه في كلامهم معه وعدم السخرية به ، مع التشديد في عقوبة المخالف لهذا .
7. تعاوني مع إدارة المدرسة والأخصائي الاجتماعي في ضرورة حسن رعايته ومعاقبة من يسخر منه وتجنبيه آثار ذلك إن وقع .
8. احرصي أن يكون ابنك مِن أهل المساجد لتكون صحبته طيبةً نقية من طلبة العلم وحفاظ القرآن ، وهم مَن لا يمكن أن يصدر منهم – إن شاء الله - سخرية به .
وأما حين يكبر : فأفهميه أن الله تعالى قد ابتلى غيره بأشد من ابتلائه هذا ، فمنهم الذي لا يستطيع التحرك ، ومنهم المجنون ، والأعمى ، والأصم ، والمصاب بسرطان الدم ، ومن يغسل كُليته كل يومين مرة ، وهكذا في ابتلاءات كثيرة وشديدة قد عافاه الله منها ، وليعلم أن ما ابتلاه الله به ليس شيئاً بالنسبة لغيرها من الابتلاءات الشديدة ، وأعظم من هذا أن يعلم أنه يتقلب في أعظم نعمة وهي الإسلام ، وأنه الله تعالى قد جعله من الموحِّدين ، وهي نعمة جليلة تحتاج منه لشكر عظيم بقلبه ولسانه وجوارحه ، وليعلم أن هذه الدنيا ليست إلا دار اختبار وابتلاء وأحزان وآلام ونقص ، وأن السعادة والفرح والكمال إنما هو في جنَّة الخلد فعليه أن يسعى لأن يكون من أهلها .
نسأل الله تعالى أن يعينك وييسر أمرك ، ونسأله تعالى أن يهديه لما فيه رضاه .

والله أعلم