عنوان الفتوى : هل تحكيم القوانين الوضعية في بلد يجعله دار كفر
هل تصح تسمية بلد قوانينه غير إسلامية ببلد مسلم، مع العلم أن غالبية سكانه ينطقون الشهادة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت االكلمة والأوامر والنواهي لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذونا له بذلك من أهل الإسلام مع سيادة عقيدة المسلمين من إظهارالشهادتين والصلاة، فهذا البلد يوصف بأنه بلد مسلم ولو كان حكامه يطبقون القوانين الوضعية، كما هو حال الكثير من بلاد المسلمين اليوم، ولم يمنع ذلك من وصفها بالبلاد الإسلامية، أما إذا كانت مظاهر الكفر هي السائدة، لغلبة الكفار وقوة شوكتهم في بلد ما فلا يسمى بلدا مسلما، وإن كثر فيه المسلمون، كما هو الحال في الدول الغربية مثلا، فمع كثرة المسلمين فيها وإعطائهم الحرية في عبادتهم لا يمكن وصفها بالبلاد الإسلامية، لأن الشوكة فيها لغير المسلمين. ففي الخلاصة في فقه الأقليات جواب لسؤال: هل يجوز للمسلم أن يعيش في بلاد الكفر؟ وهل بلاد العرب تعتبر بلاد دار إسلام؟
الجواب:
يجوز للمسلم الإقامة في ديار الكفر التي يغلب عليها الكفار إذا أمن على دينه، وأظهر شعائره، وبلاد العرب والمسلمين عامة، هي: بلاد مسلمين يغلب على شعوبها وأهلها اسم الإسلام، وإن كان فيها اليهود والنصارى والمرتدون، وإن كان كثير منها يحكم بغير شريعة الإسلام، أو بحكم مختلط ملفق من هذا وذاك. انتهى.
وقال الشوكاني في السيل الجرار: ودار الإسلام ما ظهرت فيه الشهادتان والصلاة ولم تظهر فيها خصلة كفرية ولو تأويلا إلا بجوار وإلا فدار كفر ـ إلى أن قال: الاعتبار بظهور الكلمة فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذونا له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام ولا يضر ظهور الخصال الكفرية فيها، لأنها لم تظهر بقوة الكفار ولا بصولتهم كما هو مشاهد في أهل الذمة من اليهود والنصارى والمعاهدين الساكنين في المدائن الإسلامية. انتهى.
وقال في نيل الأوطار: وإلحاق دار الإسلام بدار الكفر بمجرد وقوع المعاصي فيها على وجه الظهور ليس بمناسب لعلم الرواية ولا لعلم الدراية. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على مختصر خليل: لأن بلاد الإسلام لا تصير دار حرب بمجرد استيلائهم عليها، بل حتى تنقطع إقامة شعائر الإسلام عنها، وأما ما دامت شعائر الإسلام أو غالبها قائمة فلا تصير دار حرب. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 9430
والله أعلم.