عنوان الفتوى : ما العمل إذا اختلفت آراء الأطباء في خطورة الحمل على حياة الأم
أعيش في فرنسا، وأجريت عمليتين جراحيتين في العمود الفقري، وفي الثانية قام الجراح بربط قرصين من أقراص العمود الفقري، وكدت أفقد الحركة، وما زلت أعاني من آلام الظهر والحمد لله، وسؤالي عن تناول ما يمنع الحمل: فعندي 3 أطفال، وطبيبتي مسيحية تقول لي إن حملي مرة رابعة سيضرني، وأنني ربما بذلك سأعود إلى حالتي المرضية السابقة، وقلت لها ديني يمنعني من منع الحمل دائما، وهي تتفهم ذلك، لأنها مسيحية متدينة، ولكنها تصر على قولها أن ذلك مضر لي، ولكن الجراح يقول لا مانع من الحمل، و أنا أريد طفلا آخر لأنني خائفة من الله، ولكن زوجي لا يريد ويذكرني بمرضي، فما حكم الشرع في هذا يا شيخ؟ فهذا الموضوع يخيفني، وأتمنى إجابة دون إحالتي على أسئلة أخرى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فاعلمي أولا أن استطباب هذه المرأة الكافرة واعتماد قولها جائز إذا علمت أمانتها ولم تظن بها الريبة، وإن أمكن استطباب مسلمة فهو أولى، قال في مغني المحتاج: وَيَجُوزُ اسْتِيصَافِ الطَّبِيبِ الْكَافِرِ وَاعْتِمَادُ وَصْفِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. انتهى.
وفي الآداب الشرعية: وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي حَدِيثِ صُلْح الْحُدَيْبِيَةِ: وَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةُ وَقَبُولُهُ خَبَرَهُ ـ إنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ قَبُولُ الْمُتَطَبِّبِ الْكَافِرِ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ صِفَةِ الْعِلَّةِ وَوَجْهِ الْعِلَاجِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فِيمَا يَصِفُهُ وَكَانَ غَيْرَ مَظْنُونٍ به الريبة. انتهى.
وأما قطع النسل بصورة مؤبدة فالأصل عدم جوازه، إلا إذا تحقق أو غلب على الظن وجود خطر على حياة المرأة، أو ضرر بالغ يلحقها من جراء الحمل، وكان لا يرجى التغلب على هذا الخطر أو الضرر بالعلاج ونحوه. وعليه، فإن كان هذا الضرر الذي يتوقع لحوقه بك مما يمكن زواله لو تأجل الحمل فيمكنك الاستعانة بوسائل منع الحمل المؤقتة كالحبوب ونحوها حتى يتسنى لك الحمل دون خوف الضرر، وأما إذا كان هذا الضرر مما لا يتوقع زواله وكان خبر هذه الطبيبة مما يغلب على الظن صدقه، فلا نرى حرجا في منعك للحمل بصورة تامة والحال ما ذكر. وانظري الفتوى رقم: 80844.
وانظري أيضا الفتوى رقم: 77011، وما فيها من إحالات.
لكن إذا كان الجراح قد أخبر بخلاف ما أخبرت به هذه الطبيبة من الحكم فعليك أن تعتمدي قول أعلمهما بالطب، فإن استويا، فقولها مقدم لإخبارها بما خفي على غيرها، قال في نهاية المحتاج: ولو اختلف الأطباء أخذ - كما قاله الماوردي ونقله ابن الرفعة وأقره - بقول الأعلم، ثم بالأكثر عددا، ثم بمن يخبر بأنه مخوف، لأنه علم من غامض العلم ما خفي على غيره. انتهى.
والله أعلم.