عنوان الفتوى : دروس وعبر للدعاة في سورة المدثر
ما هي الدروس المستفادة للداعية من سورة المدثر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
ففي سورة المدثر دروس وعبر للدعاة إلى الله تعالى نجملها في الآتي :-
أولاً : - القيام بإنذار الناس ودعوتهم وترك الكسل والنوم والدعة ونحو ذلك، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ) [المدثر:1-2].
ثانياً : - تعظيم الله تبارك وتعالى وإجلاله وبذل كل غال ورخيص في سبيل مرضاته، لأنه أكبر من كل شيء ورب كل شيء وخالقه، فلا يجوز للداعية أن يقدم على طاعته وخدمة دينه أحداً من المخلوقات مهما كانت قوته وجبروته؛ بل على الداعية أن لا يخاف من أحد في تبليغ رسالة الله سبحانه، كما قال الله تعالى في سورة الأحزاب ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ) [الأحزاب:39] ، ودل عليه قوله تعالى في سورة المدثر ( وربك فكبر ) .
ثلاثاً : - تطهير النفس وتزكيتها من أدران الذنوب والمعاصي والغدر ونحو ذلك، وتطهير الثوب والبدن من النجاسات والمستقذرات ولبس المحرمات ليتوافق الظاهر مع الباطن، وهذا مأخوذ من قوله تعالى :
( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) [المدثر:4].
رابعاً : - هجر المعاصي والسيئات والبعد عن أهلهما إلا لتبليغهم رسالة الله ودعوتهم إليها، وهذا مأخوذ من قوله تعالى : ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) [المدثر:5] .
خامساً : - عدم رؤية العمل الصالح والمن بكثرته فإن ذلك يحبطه ويذهب بركته ويورث الغرور، ومهما بلغ الداعية في الجهد وتحمل المشاق في سبيل الله تعالى ونصرة دينه فلا يساوي شيئاً مقابل نعم الله التي أنعم بها عليه في الدنيا، وما ادخره له في الآخرة من النعيم والمتعة، وهذا مأخوذ من قوله تعالى : ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) [المدثر:6]، وقيل في معنى قوله تعالى ( ولا تمنن تستكثر ) لا تعط العطية تلتمس أكثر منها.
سادساً :- الصبر والتحمل في سبيل الدعوة إلى الله تعالى وتحمل اتهامات الآخرين وكذبهم على الداعية ووصفه بما ليس فيه، وكذلك سعيهم لضربه أو سجنه أو قتله ونحو ذلك، وهذا مأخوذ من قوله تعالى : ( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) [المدثر:7] .
سابعاً : - النظر في عواقب المكذبين وهلاكهم والنظر في عواقب المتقين وحسن جزائهم، وهذا يحمل الداعية إلى الزهد في الدنيا وشهواتها والإقبال على الآخرة ونعيمها، فلا يبالي بما يعترضه في طريقه من معوقات وحواجز لأن العاقبة له، وهذا مأخوذ من قوله تعالى ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُور* فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ) [المدثر:8-9-10] ، ومن قوله تعالى عن الوليد بن المغيرة ( سأصليه سقر ... ) ومن قوله تعالى ( إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ ) [المدثر:39-40-41] ، فبين الله أن عاقبة الكافرين سقر، وعاقبة المتقين جنات النعيم .
ثامناً : - الثبات عند الابتلاءت والامتحانات، وهذا مأخوذ من قوله تعالى في بيان حكمة تحديد عدة خزنة نار جهنم بتسعة عشر ( وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) [المدثر: من الآية31]، وأعظم أسباب الثبات العلم والإيمان، فينبغي للداعية دائماً الارتقاء فيهما والتزود منهما .
والله أعلم .