عنوان الفتوى : تعريف الضرورة، ومن يدخل فيه
هل يعتبر غضب الأب على إبنه مقبولا وذا مفعول عند الله إذا كان السبب هو أن الأب لا يريد الأبن أن يقوم بما يلي :1) تشمير الإزار بسبب أن ذلك يعتبر في ليبيا شبهة وهو ذا منظر غير لائق لدى العامة كما أنه يواجه بقمع من قبل الدوله ؟2) الصلاة في المسجد جماعه في صلاتي الفجر والصبح لنفس السبب وما حكم الشرع في ذلك بالنظر إلى الظروف المذكوره أعلاه ؟3) ترك اللحيه وعدم حلاقتها مع العلم أنها لازالت متقطعه وغير كامله لنفس الأسباب المذكوره أعلاه وما رأي الشرع فيها؟أرجو منكم الاهتمام بالموضوع مع إرفاقه بالشرح الوافر وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ....
أما بعد :
1- فإن بر الوالدين من أعظم الطاعات التي جاء بها صريح القرآن كما في قوله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً )(الأحقاف: من الآية15)، وقال تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً)(العنكبوت: من الآية8)، وقال تعالى : ( وبالوالدين إحساناً ) [ الإسراء ]، إلى غير ذلك من الآيات، وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قا ل: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال : " أحي والداك؟" قال : نعم، قال: ففيهما فجاهد " رواه البخاري ومسلم وغيرهما، هذا هو الأصل ولمعرفة كيفية التعامل مع والدك في هذه الحالة راجع الفتوى رقم :
1454
2- فقد ذهب بعض العلماء إلى تحريم الإسبال في الثوب للخيلاء ولغير الخيلاء وذهب بعضهم إلي تحريمه إذا كان للخيلاء، ولم يحرموه لغيرها والراجح عندنا هو الأول، لأنه يوافق مجموع الأحاديث الواردة في الأمر، ولمعرفة الحكم بالتفصيل راجع الفتوى رقم : 5943
3- فصلاة الجماعة في المسجد واجبة على المستطيع لها وإذا منعك والدك منها، فلا تطعه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولمعرفة هذا الحكم بالتفصيل راجع الفتوى رقم : 3880
4- فحلق اللحية حرام، ويجوز أخذ ما زاد على القبضة منها لورود، ذلك عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - وللتعرف على دليل ذلك راجع الفتوى رقم : 263
ولتعلم أيها الأخ الكريم - ثبتنا الله وإياك - أنه يجب على المسلم الالتزام بالواجبات التي أوجبها الله عليه، ولا يجوز له تركها بحال، إلا إذا عرضت له ضرورة تبيح له تركها، وذلك للقاعدة المعروفة " الضرورات تبيح المحظورات " ولكن لابد أن تعلم أن الضرورة تقدر بقدرها، ودليل هذه القاعدة بضابطها قول الله تعالى : ( فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ) [ البقرة:193] .
وقد عرَّف العلماء الضرورة بأنها " بلوغ الإنسان حداً إن لم يناول الممنوع هلك أو قارب، كالمضطر للأكل بحيث لو بقي جائعاً لمات ، أو تلف منه عضو، أو فقد جارحة وهذا يبيح له تناول المحرم " فإذا كان الحال كذلك جاز فعل المحرم لإنقاذ النفس من الهلاك أو العضو أو الحاسة من التلف، ومن حالات الاضطرار المذكورة في القرآن، الاضطرار إلى قول الباطل، كما في قوله تعالى: ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ )(النحل: من الآية106)، فإذا أباح الله النطق بالكفر عند الاضطرار، فغيره من المعاصي أولى، لأنه لا معصية أكبر من الكفر .
ومن القواعد المفرعة على هذه القاعدة " المشقة تجلب التيسير " و " إذا" ضاق الأمر اتسع " .
فالأمر على هذا متروك لك، لأننا لا نستطيع تقدير حالتك لعدم علمنا بالواقع الذي تعيشه، والذي ستتحدد من خلاله الضرورة ومقدارها .
والله أعلم .