عنوان الفتوى : الله تعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه
عندما نقول: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ـ فهل معنى ذلك أن الإنسان مسير في الهداية وليس مخيرا فيها؟ وبالتالي، فلماذا يخلق الله بشرا ثم يختار منهم مؤمنين وكافرين ثم يعذب الكافرين يكرم المؤمنين وهم غير مخيرين في إيمانهم، أو كفرهم؟ وماذا لو لم يجد الكافر وقتا، أو فرصة ليؤمن؟ فهل يعذب؟ ولماذا؟ فنحن ـ والحمد لله ـ خلقنا مسلمين، لكن ماذا عن الذين يخلقون كفارا وتلهيهم مشاكل الحياة عن الوصول إلى الإيمان؟ فالوصول إلى الإيمان يقتضي التجرد من مشاغل الحياة والحياد وإعمال العقل، فالانسان أحيانا قد يسقط في دوامات الحياة وقد لا يتمكن من الخروج منها ليفكر في الدين، فهل سيعذبون؟ وهل ذلك عدل؟ فمثلا طفل صغير قدر له أن يولد في عائلة مسيحية ووالداه نصراه، والصغير يتبع أبويه، وفعلا اعتقد الصغير ببراءته أن دخول الجنة هو في اتباع أبويه ثم مات نصرانيا بعد بلوغه بيوم، فهل يعذب؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا في عدة فتاوى إيضاح أن الإنسان ميسر لما خلق له، فلا يصح وصفه بكونه مسيرا، أو مخيرا هكذا على الإطلاق، وراجع في إيضاح ذلك الفتويين رقم: 8652، ورقم: 128827.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين رقم: 116993، ورقم: 19117.
وأما بقية السؤال، فجوابه أن يعلم السائل أن الله تعالى لا يعذب إلا من يستحق العذاب، ولا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسل ووصول الدعوة إليه، فمن لم تبلغهم دعوة الإسلام على وجهها الصحيح ولم يسمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فالراجح من أقوال أهل العلم أنهم يمتحنون في عرصات القيامة، كسائر أهل الفترة، بخلاف من بلغته دعوة الإسلام وسمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن به، وراجع في بيان ذلك الفتوى رقم: 118041 .
والله أعلم .