عنوان الفتوى : حكم من يتلفظ بالألفاظ المحتملة المخالفة لأصل الإيمان
يصدر من الشباب الفاسقين كلمات تخالف أصل الإيمان، ولو حكمنا عليهم باعتبار ألفاظهم دون النظر إلى مقاصدهم لكفَرناهم. مثل: الله يلعن أنه ما صار كذا، مثلاً ، ولو سألته عن معنى اللعن قد لا يعرف معناه، وهو لا يقصد حقيقة المعنى يقيناً، وإذا نصحت أحدهم بالزهد قال: أنا أعبد المال عبادة، تريد مني شيئا، وعلى هذا فقس، وهو يصلي ولا يقصد حقيقة العبادة طبعاً،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعبارة السائل (الألفاظ التي تخالف أصل الإيمان) عبارة تحتاج إلى تحرير فإن ذلك لا ينضبط لتفاوته وتباين مخارجه، فمن هذه الألفاظ ما لا يحتاج إلى تحقيق في المقاصد ولا نظر في الموانع، بل يكفر صاحبه بمجرد التلفظ به عامداً مختاراً، كسب الله سبحانه وتعالى، ومنها ما يختلف حكمه بحسب مقصد صاحبه ووجود مانع من موانع التكفير، كالجهل والخطأ والدهشة والذهول وغلبة الحال، كقول العبد الذي وجد راحلته بعد أن أضلها بأرض فلاة: اللهم أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح. كما في الحديث الذي رواه مسلم.
قال ابن حجر: قال عياض: فيه أن ما قاله الإنسان من مثل هذا في حال دهشته وذهوله لا يؤاخذ به، وكذا حكايته عنه على طريق علمي وفائدة شرعية لا على الهزل والمحاكاة والعبث، ويدل على ذلك حكاية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولو كان منكراً ما حكاه. انتهى.
وعلى أية حال فالأقوال المجملة والمحتملة لا يمكن الحكم على صاحبها بالكفر، طالما أنها تحتمل أكثر من معنى، منها المقبول ومنها المردود، ومنها المحرم ومنها الكفر، فإن صرح بمقصده، حكم عليه بمقتضاه..
ثم إننا ننبه السائل الكريم على أن الحكم بالكفر على من قال مثل هذه الأقوال لا يعنينا بقدر ما يعنينا تعليمه وإرشاده ووعظه ونصحه، كما نلفت نظره إلى خطورة الكلام في التكفير، وأن من ثبت إسلامه بيقين فلا يزول بالشك، وأنه ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، وقد سبق لنا بيان ذلك وبيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 721، 106396، 53835، كما سبق لنا بيان ماهية الكفر وعلى من يطلق في الفتوى رقم: 12800.
والله أعلم.