عنوان الفتوى : حرمة الاعتداء على البرامج المحفوظة وحكم الراتب المستفاد من تدريسها
فقد قرأت وبحثت واجتهدت في أغلب المواقع والمنتديات الإسلامية عن كل الفتاوى المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية والمتعلقة تحديداً ببرامج الحاسب الآلي كالويندوز والأوفيس ونسخ هذه البرامج وغيرها، وخلصت إلى أن أهل العلم أفتوا بثلاثة أقوال:القول الأول: الحرمانية بالكلية وذلك إذا كان أصحاب هذه البرامج قد أصدروا هذه النسخ كملكية خاصة ويبيعونها ولهم حقوق طبع وإصدار محفوظة ولهذا فلا يجوز التعدي عليها.والقول الثاني: الإباحة بالكلية وذلك لما فيه من حجب المعلومات عن المسلم ولا بد من نشر العلم والانتفاع به وعدم التأخر بالأمة، وخاصة إذا غالى أصحابها في أثمانها وعجز المسلم عن شرائها أو الوصول إليها كنسخ أصلية.والقول الثالث: هو الوسطية وهو الإباحة إذا كانت للاستخدام الشخصي والانتفاع بها على حدود الشخص والحرمانية إذا تم الانتفاع منها ماديا أو تجاريا أو بيعها أو عملاً تم بها.. وفي الأقوال الثلاثة استندوا إلي الأدلة من القرآن والسنة، ولكن فتن الناس بهذه الفتوى لأسباب كثيرة ربما لم تخطر ببال سيادتكم:أولاً: أن الفتاوى كلها جاءت على أدلة كثيرة منها احترام المسلمين على شروطهم والكافر غير الحربي فلما قرأنا الفتاوى قلنا إذا كان الوضع بالنسبة للمسلمين احترمناهم، ولكن ماذا عن الكافر غير الحربي، كيف أحدد أن هذا الشخص كافر حربي أم لا، وبحثنا كثيراً وعلمنا ما هو الكافر الحربي ولكن من يملك هذه الأنظمة التي نعمل عليها واحتكروها هي شركة ميكروسوفت والمالك لها بيل جيتس فهل بيل جيتس كافر حربي، فإن كان كذلك استحللنا ما ينتجه من برمجيات تخصه، وإن كان كافراً غير حربي احترمناه فكيف لنا أن نعرف ذلك، ومن الذي يفتي بذلك، ثم هذه الشركة تابعة لأمريكا فهل نأخذها بالذنب بأنها دولة كافرة حربيا أو دولة غير كافرة حربيا، ولكنها ظهير لأخرى حربية، وإذا كان بيل جيتس غير حربي فربما كان ظهيراً لآخر حربي فما العمل! ثانيا: يوجد البديل لهذا الأنظمة ولهذه البرامج ومجانية كلها وأغلبنا على دراية بذلك وهي اللينكس، ولكن تنقصنا الكثير من البدائل التي لا مفر منها عن الويندوز وهي البرامج الهندسية تحديداً وحتى إن كان هناك بدائل فنحن لا نستطيع العمل عليها لأنها غير متعارف عليها في السوق ولا أحد يعمل بها ولو ذهبنا لأي مكتب أو شركة وقلنا لهم نحن لن نعمل على أجهزتكم لأنها ليست بنسخ أصلية وكذا وكذا وكذا.. إلخ، فسيطردوننا من العمل ساخرين مستهزئين مستنكرين بديننا كله وأنتم أعلم بذلك! خاصة مجال مثل الهندسة المعمارية على سبيل المثال فلا يوجد استغناء مطلقا عن الأوتوكاد وهو برنامج للرسومات الهندسية والتصميمية والتنفيذية بل ونتعلمة في جامعاتنا ثمنه الحقيقي يتعدى 4000 دولار، وأنا لا أملك هذا المبلغ إطلاقا بل أقسم بالله أنا لا أملك سوى قوت يومي فقط لا غير، ونحن نستخدمة مجانا بعد سرق النسخة وفك تشفيرها فماذا نفعل، يوجد له بديل مجاني، وإن استخدمناه فهو لا يقوم بنفس أداء المهمة بالكفاءة المطلوبة، ويحتاج إلى نظام تشغيل آخر مختلف تماما لأن الأوتوكاد يعمل علي بيئة الويندوز في حين أن بديله يعمل علي بيئة اللينكس، وإن قمت بذلك لجهازي الشخصي فيستحيل أن أقوم بذلك في كل شركة أعمل بها أو في كل مكتب أعمل به! بل سأقابل بكل السخرية والتهزيئ والتهكم والطرد إن أمكن! وسيدفعني الأمر إما إلى استخدامه مسروقا أو ترك العمل بالمكاتب والعمل بالمواقع، وإذا سألني أحد عن الأوتوكاد سأكذب وأقول لا أعرف كيفية تشغيله حتى لا يطالبني أحدهم بالعمل عليه! وبالطبع سيشككون في أمري وفي النهاية سأترك العمل مطلقا وأبحث عن مجال آخر! وقس على ذلك سيدي الفاضل في باقي البرامج وليت الأمر متعلقا بهذا البرنامج فقط بل هناك أكثر من أربعة أو خمسة برامج بمثل هذه الكيفية في هذا المجال تحديداً وهو مجالي، فهل خطئي أنني أصبحت مهندسا معماريا أم أن خطئي أنني أريد أن أتحرى لديني الصواب، اتبعوا سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ! هل هذا ذنبي! وأخيراً وفقنا وإياكم لما فيه من الخير والإصلاح. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.. سيدي أعمل بالقول السابق فافتني بحق وإني بفتواك لمن العاملين ومن المصدقين ولا تستثني حالتي من الحق ومن اليقين، حتى لو وصل الأمر إلى تركي لمهنتي بالكلية والبحث عن عمل آخر فسوف أفعل ذلك، ولكن فقط إن كان ذلك يرضي الله ورسوله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأمر في تحريم الاعتداء على البرامج المحفوظة هو المفتى به عندنا، وبه صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي شأن الحقوق المعنوية، وأنها حقوق مصونة شرعاً، وبالتالي لا يجوز للمدرب أو المدرس أن يستعمل هذه البرامج المنسوخة في عمله.
وعليه، أن يكف عن ذلك، أما ما يحصل عليه من راتب مقابل دورات تدريبية ونحوها مستعملاً تلك البرامج فإن هذا الراتب حلال لأنه مقابل تدريبه وتدريسه، وإنما يؤاخذ باستعماله ما منع أصحابه منه ولهم عليه حق مالي بقدر ما يفوت عليهم من منافع وما يلحق بهم من ضرر من وراء هذا الاستعمال غير المرخص.. وهكذا الشركات التي تستعمل في مكاتبها وأعمالها تلك البرامج المنسوخة فإن لأصحاب البرامج عليهم حقا، فأولى بالجميع احترام حق الملكية الفكرية وعدم الاعتداء.
والله أعلم.