عنوان الفتوى : زواج المسلمة من غير المسلم
ما حكم زواج المسلمة من غير المسلم؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الفاضلة:
شكر الله – تعالى – لك اهتمامك عن إقناع المسلمين بما جاء في شرعنا الحكيم.
ويمكن لي إيجاز الإجابة فيما يلي:
1- أن الأصل في الأحكام الشرعية الإيمان والتصديق بها، بما جاء في الكتاب والسنة، وكما قال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا).
فالأصل أن يذعن المؤمن لأمر الله تعالى ويسلم له، كما قال تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، وهذا التصديق ينطلق من كون المسلم يدرك أن الله تعالى ما حرم شيئا إلا لما فيه من ضرر عليه، فكل حرام هو ضار، سواء أكان ضررا في العقيدة أو الفقه أو الحياة.
2- أن التحريم يناط بالعلل لا بالحكم، يعني أن البحث دائما عن الحكمة قد لا يسلم به، لأن الحكمة قد يقبلها إنسان ويرفضها آخر، لأن الحكم شيء اجتهادي استنباطي، أما العلة، فهي وصف منضبط يمكن البناء عليه.
3- أن الكتاب والسنة وإجماع الأمة على تحريم زواج المسلمة من غير المسلمين.
4- أن الأصل في هذه المسألة، هو تحريم التزاوج بين المسلمين وغيرهم، كما قال تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)، وهذا الحكم عام، ثم جاء التخصيص في زواج المسلم من الكتابية العفيفة الشريفة، بقوله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، ومن خلال هاتين الآيتين، خرجت لنا بعض الأحكام، أهمها:
أ- حرمة زواج المسلم من المشركة الكافرة.
ب- حرمة زواج المسلمة من غير المسلم.
ت- إباحة زواج المسلم من الكتابية.
وعلى هذا:
فإن حوارك مع أصدقائك يجب أولا أن يكون مبنيا على التسليم لأمر الله تعالى، لأنه من الله، ولله تعالى أن يأمرنا بما شاء.
ولكن يمكن أن نقول فيما يخص الحكم:
أنه لما كانت القوامة للرجل، فإن الإسلام لم يأمر المسلم أن يجبر زوجته على ترك دينها، بل لها أن تتعبد بديانتها، وأن تبقى على ملتها، والإسلام ضابط للإنسان، يعني أن الإسلام يمنع أن يجبر المرء زوجته على الإسلام، أما غير المسلم، فعقيدته فاسدة، ولا يأمن أن يجبر زوجته على ترك الإسلام.
الأمر الآخر: أنه كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: “الإسلام يعلو ولا يعلى”. ولما كانت القوامة للرجل، بما هو متعارف ومتعاهد عليه في جميع الأوساط الاجتماعية والنظم الاجتماعية، فلا يمكن أن يقبل أن يكون الإسلام هو الأقل في أي شيء.
والله أعلم.