كيف تتخلص من السحر؟
مدة
قراءة المادة :
9 دقائق
.
كيف تتخلص من السحر؟مقدمة
الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عُدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد ألَّا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد:
فهذه نبذة مختصرة عن السحر وبعض الأحكام المتعلِّقة به، نسألُ اللهَ الكريم أن يَنفعَ بها، وأنْ يجعلها ذُخرًا لنا يوم لقائه.
أولًا: تعريف السحر:
في اللغة: يطلق السحر في اللغة على عدة معان؛ منها: الخداع، والصرع، والاستمالة، والتمويه، وكل ما لطف ودق وخَفِي سببُه، فهو سحر.
وفي الاصطلاح: هو عقد ورُقَى، وكلام يتكلم به، أو يكتبه الساحر، أو يعمل به شيئًا يؤثِّر في بَدن المسحور أو قلبه أو عقله، مِن غير مباشرةٍ له عليه، وله حقيقة؛ فمنه ما يَقتُل، ومنه ما يُمْرِض، ومنه ما يَأخذ الرجُلَ عن امرأته؛ فيمنعه وطأها، ومنه ما يُفرِّق بين المرء وزوجه، ومنه ما يُبغِّض المرأةَ إلى زوجها أو العكس، أو يحبِّب بين اثنين، كل هذه الأشياء واقعة بين الساحر والشيطان الموكَّل بعمل ذلك، وذلك لا يتمُّ إلا بحصول منفعة بينهما، فيقُوم الساحرُ بفعل المحرَّمات والشركيَّات والكُفْريَّات في مقابل مساعدة الشيطان له، وطاعتِه فيما يطلب منه.
ثانيًا: حكم منَ قام بالسحر:
اتفق الأئمَّة الأربعة على قتْل الساحر؛ حفاظًا على أفراد الأمَّة ومجتمعاتها.
ثالثًًا: العلامات التي يُعرَف بها الساحر:
أنه يسأل المريض عن اسمه واسم أمِّه، أنه يَأخُذ أثرًا مِن آثار المريض، طَلَبُ حيوانًا بصفات معينة؛ ليذبحه ولا يَذكُر اسمَ الله عليه، كتابةُ الطلاسم والتعوُّذات الشركية، تلاوة الطلاسم والعزائم غير المفهومة، إعطاء المريض أحجبة تحتوي على مربَّعات بداخلها حروفٌ أو أرقام، إعطاء المريض أشياءَ يَدفِنها في الأرض، إعطاءُ المريض أوراقًا يحرقها ويتبخَّر بها، يُتَمْتِمُ بكلام غير مفهوم، وخارجٍ تمامًا عن اللغة العربية، وغير ذلك مما يُرى منه.
رابعًا: حكْم حَلِّ السِّحر بالسِّحر:
فيه خلاف، فمنهم من قال بالجواز إذا كان الغرَض الإصلاح لا الإفساد، ومنهم مَن قال بأنه لا يجوز إطلاقًا الذهاب إليهم بأي شكلٍ من الأشكال.
والصحيح أنه لا يجوز حلُّ السحر بسحر مثله؛ لما دلَّت عليه النصوص الشرعية، ومن ذلك: قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد)[1].
خامسًا: كيفية إبطال السحر:
أولًا: التوجُّه إلى ربِّ العالمين الذي بيده ملكوت كل شيء؛ قال إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80].
ثانيًا: التعرُّف على مكان السحر وإبطاله، ويكُون ذلك بدعاء ربِّ العالمين؛ كما فعل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حينما سَحَرَهُ لبيد بن الأعصم، فسأل ربَّه في ذلك، فدلَّ عليه فاستخرجه.
والتعرُّف على مكان السحر يكُون بما يلي:
أولا: الرؤيا في المنام: بأنْ يُوفَق لرؤيته.
ثانيا: أن يَعرف مكانَ السِّحر عن طريق الجن: وذلك بالقراءة على المسحور، فيتكلم الجنُّ على لسان المريض، فيعرف مِن خلاله مكانَ وضْع السحر، غير أنه لا بد مِن التثبُّت والتأكُّد.
ثالثًا: إخراج الجنِّيِّ الموكل بالسحر مِن جسم المريض.
رابعًا: الاستفراغ: وذلك باستعمال الحجامة.
خامسًا: النشرة: والمراد بها قراءة القرآن والأدعية الواردة.
سادسًا: ضرر السحر على الفرد والمجتمع:
أولًا: خَطَرُه على الفرد، وذلك بإمراضه، وقد يكون سببًا في قتْله أو سببًا في جنونه ونحوه، وقد يكُون سببًا في تركه منزله وأسرته وبيته، وقد يؤدِّي إلى العداوة الأسرية، وقد يؤدِّي إلى فشل المريض في دراسته إذا كان طالبًا، أو وظيفته، أو عمله، وقد يكون سببًا في قتْل بعض الأفراد، ويؤدِّي إلى الوقوع في المحظورات الشرعية، كالذهاب إلى الكهنة والعرَّافين، ويؤدِّي إلى كثرة الوسواس في حياة الفرد، ويُلقي الشكوكَ بين الفرد وأفراد عائلته؛ سواء كانوا أبناءه أم زوجاته.
ثانيًا: أما عن ضرر السحر في حياة المجتمع:
أنه يُورث العداوةَ والبغضاء بين أفراد المجتمع، ويَزرع الشكوك والشُّبَه بين أفراده، ويَدعو إلى الانتقام، ويُحِلُّ مكانَ الأمن والطمأنينةِ الخوفَ والزعزعة وحُبَّ الجريمة، ويُضعِف كيان الأمَّة في توكُّلها على رب العالمين.
سابعًا: تسلُّط السحرة في هذا الزمان:
ويرجع إلى أمور؛ منها: كثرةُ الجهل وقلة العلم، غياب شرع الله وتحكيمِه في غير هذه البلاد - حفظها الله ورعاها.
ثامنًا: ما الواجب علينا تجاه تسلُّط السحرة في هذا الزمان؟
أولًا: الواجب على الأفراد: إقامة التوحيد الخالص لله ربِّ العالمين، الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والاستعانة به، فضْح أمْر هؤلاء السحرة والمشعْوِذين وكشْف حِيَلِهم.
ثانيًا: أما مِن جانب العلماء والفقهاء وأهل الحسْبة: تحذير الناس مِن الذهاب إليهم، وبيان أن الذهاب إليهم يؤدِّي بصاحبه إلى الكفر؛ كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن أَتَى كاهنًا فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلَّى الله عليه وسلَّم))[2].
ثالثًا: أما واجبُ وُلاةِ الأمور: فيتمثَّل في الأخذ على أيدي هؤلاء السحرة الأشرار، وتطبيق حد الله فيهم عزَّ وجلَّ.
تاسعًا: في بيان التحصينات الشرعية من السحر:
تحقيق التوحيد الخالص لله تعالى، الإخلاص، التزام الجماعة، المحافظة على الصلوات الخمس، الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، تقوى الله تعالى، التوبة النصوح، والتخلُّص من الإثم، بذْل الصدقات وصنْع المعروف، والقيام بحاجات الناس، الرُّقَى الشرعية.
الرقية الشرعية، شروطها، كيفيتها:
الرقية الشرعية:
هي التي تكون بآيات من كتاب الله سبحانه وتعالى، أو بأدعيةٍ مأثورةٍ مِن السُّنَّة الصحيحة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ أَسْتَرْقِيَ مِن العَيْن"[3].
شروط الرقية الشرعية:
أن تكُون خالية مِن الشرك، أن تكُون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، أو بما جاء عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مِن السُّنَّة الصحيحة، أن تكون باللسان العربي، أو بما يُعرَف معناه مِن غيره، أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بذات الله.
الرقى التي يقرأها الراقي على المصاب:
من القرآن: قراءة الفاتحة، وقراءة بعض آيات سورة البقرة مِن أولها، وآية الكرسي، وخواتيم السورة، ومن سورة آل عمران الآية (18)، والآيتان (26، 27)، ومن سورة الأعراف الآيات من (54 - 57)، ومن (117 - 119)، ومن سورة يونس من (79 - 82)، ومن سورة الصافات: أول عشر آيات، وسورة الجن، وسورة الكافرون، وسورة الإخلاص، والمعوذتين.
ومن السُّنَّة: ((اللهم ربَّ الناس، مُذْهِبَ البأس، اشفِ أنتَ الشافي لا شفاءَ إلا شفاؤكَ، شفاءً لا يُغادِر سقمًا، أنزِل رحمة مِن رحمتِك، وشفاءً مِن شفائك على هذا الوجع))، ((أعوذ بكلمات الله التامَّات مِن شرِّ ما خَلَق))، وغير ذلك مما وردت به السُّنَّة.
ومن التحصينات الشرعية أيضًا:
تطهير البيت من التصاوير والتماثيل، قراءة بعض السُّوَر والآياتِ الطاردة للشياطين، ومنها: سورة البقرة،، آية الكرسي، آخر الآيات من سورة البقرة، قراءة المعوذتين، والإخلاص، التسمية على كل شيء، الاستعاذة عند وساوس الشيطان، ومن أعظم التحصينات وأنفعِها: المحافظةُ على أذكار الصباح والمساء؛ فإنها نافعةٌ جدًّا لمن أراد أن يحصِّن نفسَه مِن شياطين الإنس والجن[4].
[1] رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، (1/105)، برقم (523).
[2] رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني في "المشكاة"، ج (2)، رقم (4599).
[3] متفق عليه، انظر: "اللؤلؤ والمرجان، كتاب السلام"، برقم (1418).
[4] المرجع كتاب "كيف تتخلص من السحر"؛ تأليف: أ.د.
عبد الله بن محمد الطيار.