في ذكرى حطين قم يا صلاح الدين - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
8 دقائق
.
بسم الله نبدأ , وعلى
هدى رسوله نسير .جاء شهر الخيرات , فرح المسلمون وامتلأت البيوت بالبركات , وامتلأت الشوارع بأصوات الصلوات الطيبات , فتيك المساجد ملئت بالمصلين في صلاة الفجر , وتلك الشوارع تصدع بآيات الحق وقد ملئت نورا من أصوات الأئمة في صلاة التراويح , وهؤلاء الأطفال يملئون الطرقات بالأهازيج و الأناشيد فرحاً بقدوم شهر الله المعظم , شهر رمضان , وحال الناس مع رمضان بين عامل بعمل سلف الأمة الصالح وبين ساع لعمل الخير متوسط فيه يرجو عفو الله , ومفرط لاه لا يعدو رمضان عنده أكثر من شهر الفوازير و في رقعة قريبة , هي قلب الأمة , وشريانها الدامي , الذي ينزف كل يوم بدم شهيد جديد , أو طفل يودع والده إلى مثواه البعيد, إلى عالم لا يعلم عنه هذا الطفل أنه بإذن الله دار الخلود لوالده العظيم التليد , أو زوجة ثكلت زوجها الحبيب فهي تودعه مؤملة بلقاء قريب , في دار لن يخذلها فيها جار أو نسيب, ولن يهددها فيها خنزير مريب , وأم تودع درتها أو طفلتها التي فقدتها بطلقات الغدر الدامية , التي تخرج من صدر موغر ملئ بكل حقد لكل ما يمت للإسلام والمسلمين بصلة من بعيد أو قريب.
في أقصانا الحبيب درة الأمة , وحبات القلوب , يا ترى ما حال رمضان , كيف يقضي أحبابنا شهرهم , أفي فرح مثلنا بين أحبابنا وذوينا , أم في ترح بسبب ما تقابلهم به أمتهم من إهمال عجيب , وصمت قاتل لا يجيب , كيف حال إخوة لنا في ديننا يستقبلون قبلتنا ويصلون صلاتنا ويقرءون كتابنا ويتبعون رسولنا ويعبدون إلهنا سبحانه وتعالى .
كيف حال أمي بالقدس , وكيف حال أبي هناك , وكيف أخي وأختي وولدها و ولدي .
كثيرا ما نسمع بصرخات أخواتنا هناك في رمضان وفي غير رمضان...
فأبناء صهيون لا يحترمون حرمة شهر ولا مكان ولا زمان وكفاهم أنهم سبوا وشتموا رب الأكوان.
أين المعتصم يسمع صرخة من فم طاهرة يأمرها الخنزير بخلع ملابسها في سجنه..
رب وا معتصماه انطلقت من أفواه الصبايا اليتم
صادفت أسماعنا لكنها لم تصادف نخوة المعتصم
إ يــــــه يا صلاح الدين ذكراك عاطرة تملأ القلوب العطشى لذكرى الانتصارات في زمن التخاذل, أريد أن أملأ الدنيا ضجيجا وصياحا لأنادي عليك , علك تخرج لتعيد لأمتك كرامتها السليبة , ولكن هيهات هيهات صياحي وندائي لن يعيدك , فهذه سنة الله في خلقه بأن من ذهب لن يعود , و لكن تعلقنا ليس بك وإنما بخالقك القادر أن يرزقنا مثلك , وإن كان مثلك ليس فينا الآن يقينا...
لذا أتراجع وأتراجع عن ندائي عليك صلاح الدين , وأتوجه بتضرعي و ابتهالي لرب العالمين...
اللهم نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا..
أنت رب المستضعفين وأنت ربنا , اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر , اللهم انصر عبادك المجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها , اللهم طهر كل بقعة من الخريطة ترصعت بدماء المسلمين الزكية ممن أسال هذي الدماء...
إخواني...
في رمضان ترق القلوب , وتقرب من الله علام الغيوب , فلا تنسيكم غمرة النفحات , وحلاوة التجمعات , وموائد الخيرات نصرة إخوانكم بكل صغير وكبير , بكل غال ونفيس مقدور , ولا تنسوا فضل الدعاء فإنه سلاح ذو مضاء , ومن لم يجد بالدعاء فلن يجود يوماً بالدماء .
إخواني ذكرى بدر وحطين وعين جالوت وغيرها من انتصارات الأمة و أيامها العظام , يذكرنا بهؤلاء الرجال , فهلا أصبحنا رجال , حقيقة ما حولنا يقول بأننا فقط ذكور , أما رجال, فللرجال فعال , أما نحن فأكثرنا أصحاب أقوال وأقوال .
إخواني هبت رياح النصر والتغيير { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
فلنتحول إلى خلية من خلايا النحل العاملة , بالعلم , بالدعوة , بالجهاد بالمال و النفس لمن يستطيع , بلا كلل ولا ملل , وما أعظم نشر التوحيد في زمن قل فيه العلم والعالم , وقام فيه الجاهل و الظالم...
العلم فريضة , الدعوة فريضة , الجهاد بالمستطاع فريضة وأقله الدعاء , والنصرة ولو باللسان , وإفاقة الغفلان....
و ما دون تلك الأمور فهو إثم وتقصير مرير مرير , فهيا بنا نكون لبنات أول , ليخرج صلاح الدين , من بيتي وبيتك , قد يكون هو ابني وقد يكون هو ابنك , فياله من شرف عظيم قد تضيعه وتضيع معه الأمانة , إنها المسئولية ....إنها المسئولية ....إنها المسئولية .
يا أمتي أفيقي , وليكن رمضان موعداً لتجديد عهد أخذه الله علينا ونحن في ظهور آباءنا وميثاق مجيد .
ليكن رمضان بداية لتصنيع جيل جديد يعيد البسمة لأفواه أهلنا في الأقصى الحبيب وفي كل أرض سليب جيل خالد بن الوليد وصلاح الدين وقطز والعز بن عبد السلام وعمر المختار و أبطال الأمة الأخيار .
اللهم نصرك الذي وعدت , اللهم إنا نعترف لك بتقصيرنا فلا تؤاخذنا بضعفنا وما فعل السفهاء منا, اللهم غير ما بنا من خور وذل , وأبدله قوة وعزة ونصر من عندك..
{كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز }
{ و لقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين , إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون}
{ و لله العزة ولرسوله وللمؤمنين و لكن المنافقين لا يعلمون }
اللهم انصر عبادك المجاهدين في فلسطين والشيشان والأفغان وإندونيسيا والفلبين وكوبا وبورما وكل مكان يا رحيم يا رحمن...
وأسأل الله أن يأتي رمضان القادم ونحن أفضل ...
النصر يا أمتنا للمـــــــــــــــــلة الغراء
فامض على نهج الهدى وشرعة السماء
سيري بإيمانك يا نارنا الملتهبة
تنور الحالك أنوارك الـمرتقـــبة
همتنا عالية لا تقبل القليـــــــــل
وعزمنا متقد وخطبنا جلــــــــيل
فقم بقرآنك يا مؤمناً بالكــــــــــتب
واسم بفرقانك حتى أعالي السحب
إلهنا يعيننا وكل مستعيـــــــــــــــن
حتى يعود الحق مرفوعاً به الجبين
وتعتلي بذلك أصواتنا في الأفـــــــق
تصيح بالهالك يا نائماً فلتفـــــــــــــق
محمد أبو الهيثم