عنوان الفتوى : مسائل حول الرؤى
لي أربعة أسئلة بخصوص الرؤى المنامية، أنا أعلم أنكم لا تفسرون الرؤى، ولكنني لا أطلب تفسيرًا للرؤى بارك الله فيكم، أعلم قدر مقام الإفتاء وأوقره جدًا لعظمة أمره، ولهذا أقول: فضلًا منكم ورجاءً لا أمرًا، أرجو الإجابة عن أسئلتي كل على حدة بطريقة مباشرة، لأنني موسوس جدًا، ويصعب عليَّ استنباط الفائدة من الأجوبة غير المباشرة، وأسئلتي هي:1ـ بخصوص موضوع الرؤى المنامية، هل حديث النفس وما تحدثت أو تتحدث به نفس الإنسان، وما يهم به الإنسان في اليقظة وما يهتم به الإنسان في اليقظة هم نفس الشيء؟2ـ قيل إن من علامات الرؤيا الصادقة انتفاء أن يرى المرء ما تحدث به نفسه في اليقظة، فهل توجد فترة زمنية معينة من وقت الانشغال بأمر ما إلى وقت وروده في رؤيا من حديث النفس؟ يعني مثلا: هل يجب أن يكون الانشغال بأمر ما حدث في اليوم قبل النوم مباشرة ليأتي الأمر في رؤيا حديث نفس، أم أنه لا يوجد حد زمني أقصى بخصوص ورود ما تحدث به النفس في اليقظة في رؤيا حديث نفس؟3ـ بصرف النظر عن الرائي وإسلامه، أو عدم إسلامه ودرجة إيمانه وحاله، هل إذا عمل الرائي جميع السنن والنصائح النبوية كما ينبغي، وقرأ جميع الأذكار والأدعية والأوراد الخاصة بالنوم مثل آية الكرسي كما ينبغي قبل وبعد النوم ورأى رؤيا محزنة، أو مخيفة، أو مقلقة هل تكون هذه الرؤيا حتمًا رؤيا صادقة، أم أنه يحتمل أن تكون من رؤى حديث النفس، أو من الشيطان؟4ـ بخصوص رؤى حديث النفس، لو فكر إنسان في شيء ما، أو شخص ما، أو أمر ما هل يراه في رؤيا حديث النفس كما تخيله تمامًا في اليقظة، أم أنه يمكن أن يأتي في رؤيا حديث النفس بطريقة مختلفة؟وجزاكم الله كل خير على ما تقومون به من خدمة الإسلام والمسلمين، وجعله في ميزان حسناتكم. آمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العبارات المذكورة في السؤال الأول تعني نفس الشيء، فتعتبر كلها دالة على معنى واحد، وأما الرؤيا الصادقة فلا يلزم منها عدم رؤية ما تحدث به نفسه في اليقظة، بل قد يراه أحيانًا ويكون في ذلك بشرى له، وهذا هو حال أغلب رؤيا أهل الاستقامة، وقد يرى بعضهم أضغاث الأحلام، وفي صحيح مسلم: الرؤيا الصالحة بشرى من الله.
وقال المناوي في فيض القدير: الرؤيا الصالحة الحسنة، أو الصحيحة المطابقة للواقع. اهـ.
وقال ابن حجر في تفسير حديث البخاري: الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ـ قال رحمه الله: قال المهلب: المراد غالب رؤيا الصالحين؛ وإلا فالصالح قد يرى الأضغاث، ولكنه نادر لقلة تمكن الشيطان منهم بخلاف عكسهم، فإن الصدق فيها نادر لغلبة تسلط الشيطان عليهم. اهـ.
ثم إنه لا يوجد تحديد زمني لفترة ما بين حديث النفس والرؤيا، فقد يرى الرؤيا في نفس اليوم وقد يراها بعد ذلك وقد يرى الرائي حديث النفس كما تخيله، وقد يراه بشكل جزئي، والرؤيا على كل لا يترتب عليها شيء ولا يلزم منها شيء، فأحلام اليقظة وأحلام المنام لا يعتمد عليها، بل ينبغي للمسلم أن يعمل عملًا مثمرًا يستفيد منه في دنياه وأخراه، وأن يتوكل على الله تعالى، ويستعين به في تحقيق طموحاته الدنيوية والأخروية.
والله أعلم.