عنوان الفتوى : ظاهرة تمييع مسائل من الشرع لأجل التقرب للغرب !

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

هناك ظاهرة غريبة في أوساط المسلمين في الغرب بدأت تطفو إلى السطح : إن الإخوة المسلمين في الغرب يحاولون جاهدين بشتى أنواع الأساليب التوفيق بين الإسلام والقضايا العصرية التي تظهر وتُستجد من حين لآخر ؛ سعياً منهم في إثبات أن الإسلام دين يواكب المتغيرات ويتعايش مع العصر ، ولكنهم يخطئون من حيث لا يشعرون ، فعلى سبيل المثال : لكي يثبتوا حقوق المرأة في الإسلام ومساواة الإسلام لها مع الرجل : فإنهم يقومون بالبحث عن غرائب النصوص التي جعلت من المرأة إماماً في الصلاة ( حتى وإن كانت في حالات خاصة ) ، ثم يقولون بعد ذلك : ألا ترون أن الإسلام أعطى المرأة حق القيادة والإمامة ، إذاً فإن الإسلام ضمن للمرأة تولي المناصب أيّاً كانت ، أوليس قد جعلها إماماً وخطيباً في صلاة الجمعة ؟!! ألا ترون كيف أن الإسلام يعالج مثل هذه القضايا بكل سهولة ويسر ؟!! وكل هذه المحاولات هي محاولات فقط من أجل إرضاء غير المسلمين من الغرب والذي يمتلكون زمام الأمور والوظائف وغيرها من مصالح المسلمين . فما النصيحة التي يمكن أن توجه لأمثال هؤلاء الإخوة ؟ .

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.


أولاً:
ما يقوله الأخ السائل صحيح وواقع ، وللأسف ، وقبل تبيين خطأ ما يفعله أولئك - هداهم الله ينبغي التنبيه على أمرين :
1- الأصل الذي جاء به الشرع : مساواة الرجل والمرأة في الأحكام ، ولكن مع ذلك جاء الشرع بالتفريق بينهما في جملة من الأحكام يمتنع عقلاً وفطرة القول بالمساواة فيها ، وذلك لاختلاف طبيعة كلٍّ من الرجل والمرأة .
وعلى هذا ، فلا يصح القول بأن الشرع جاء بالمساواة بين الرجل والمرأة ... هكذا ، على سبيل الإطلاق .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : ( 1105 ) .
2- لا يجوز للمرأة أن تكون إمامة لرجل في الصلاة ، والمرأة نهيت عن التسبيح إن أخطأ الإمام ، وشرع لها التصفيق حتى لا تجهر بصوتها عند الرجال ، وشر صفوف النساء أولها ، وذلك لقربها من الرجال .
فكيف يجوز لها بعد ذلك أن تكون إمامة للرجال في الصلاة !
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 6 / 205 ) :
"يشترط لإمامة الرجال أن يكون الإمام ذكراً , فلا تصح إمامة المرأة للرجال , وهذا متفق عليه بين الفقهاء" انتهى .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : ( 39188 ) .
ثانياً :
أما النصيحة لأولئك الذين يلوون أعناق النصوص الشرعية في محاولة يائسة لإرضاء الغرب عنهم وأنهم يمثلون التسامح والوسطية فيقال لهم :
1- إنكم مهما تنازلتم عن دينكم فلن ترضى عنكم اليهود ولا النصارى حتى تتبعوا ملتهم ، قال تعالى : ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) البقرة/ 120 .
فهم لن يرضوا منكم إلا إذا تركتم دينكم بالكلية وكنتم تابعين لهم .
2- والواقع يشهد لهذا ، فهناك أمثلة كثيرة لهؤلاء المتساهلين وفتاواهم ، ومع ذلك لم يرض الغرب عنهم ، ولا يزال يعتبرهم متشددين إرهابيين ، لأنه يطلب منهم المزيد من التنازل عن أحكام الإسلام .
3- الواجب على المسلم أن يسعى لإرضاء الله تعالى ، ولا يعنيه أرضي الناس عنه أم سخطوا ؟
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَن التَمَسَ رِضَا الله بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ ، وَمَنْ التَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ الله سَخِطَ الله عَلَيْهِ وَأَسْخََطَ عَلَيْهِ النَّاسَ) رواه ابن حبان في صحيحه (1/501) ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" ( 2311 ) .
4- هذه السلسلة من التنازلات لن تقف عند شيء ، وليس لها نهاية ، حتى رأينا من يمتنع عن تكفير اليهود والنصارى ، بل ويحكم عليهم بأنهم "مؤمنون" ! مما يعني إبطال رسالة الإسلام ، وهو لا يشعر .
ولينظر هؤلاء في نتائج تمييعهم لأحكام الشرع للتقرب بذلك للغرب ، هل انتفع به كافر فأسلم ؟! وهل ترك مشرك شركَه فوحَّد ربَّه تعالى ؟!
فهل أسلم هؤلاء الغربيون ، أو على الأقل : هل كفوا عن العداوة البالغة للإسلام والمسلمين؟
والخلاصة في هذا :
على المسلم أن يتمسك بدينه وشريعته ، وأن يفاخر الدنيا كلها بنظمها ومناهجها وقوانينها وأن يعتقد أنه لا يَصلح للكون إلا الإسلام ، وأن ما عداه من الأديان والمناهج فمحرف وباطل .
ولا ينبغي لمؤمن عاقل أن يجعل غايته إرضاء الغرب ، وإنما يجب أن تكون غايته إرضاء الله تعالى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"فالمؤمن لا تكون فكرته وقصده إلا رضا ربه واجتناب سخطه ، والعاقبة له ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 3 / 233 ) .

والله أعلم