عنوان الفتوى : حكم الشرع في أشياء يعلن عنها في المسجد
أنا إمام مسجد بقرية، ويأتي من يطلب إذاعة عن وفاة من ميكروفون المسجد، أو الإذاعة عن حريق بالقرية للإغاثة، أو الإذاعة عن جاموسة وقعت فذبحت، ويطلب صاحبها إذاعة ذلك من ميكروفون المسجد ليشتري الناس منه مواساة له. فما حكم الإذاعة من ميكروفون المسجد عن هذه الأشياء تفصيلا لإخبار الناس بالفتوى؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما نعي الميت في المسجد فإذا كان على الوجه المأذون فيه وهو مجرد إعلام الناس بموت الميت ليقوموا بحقه من شهود جنازته والصلاة عليه ونحو ذلك فهو جائز لا حرج فيه، وقد نعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي يوم مات في المسجد، ونعى أمراء جيش مؤتة في المسجد.
وأما إن اشتمل هذا النعي على ما لا يجوز مما يشبه نعي الجاهلية فهو محرم، وقد بوب البخاري في صحيحه باب: الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه.
وفي الفتح للحافظ ابن حجر رحمه الله: قال :-أي ابن رشيد- وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس ممنوعا كله ، وإنما نهي عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق . وقال ابن المرابط : مراده أن النعي الذي هو إعلام الناس بموت قريبهم مباح، وإن كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله، لكن في تلك المفسدة مصالح جمة لما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره والصلاة عليه والدعاء له والاستغفار وتنفيذ وصاياه وما يترتب على ذلك من الأحكام. انتهى.
هذا وقد كره بعض العلماء رفع الصوت بالنعي في المسجد كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 36358، فلو أمكن تجنب ذلك كان أحسن.
وأما دعاء الناس عبر مكبرات الصوت لإطفاء حريق أو إنقاذ معصوم من هلكة فهو جائز لا حرج فيه، ولا يشبه هذا النهي عن إنشاد الضالة في المسجد، وانظر الفتوى رقم: 132612.
وأما دعاء الناس لشراء اللحم في المسجد فلا يجوز؛ لأن المساجد لم تبن لهذا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك. رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
ولا يؤثر في ذلك كون المراد مواساة من أصيب ببهيمته، فإن على هذا المصاب أن يصبر لحكم الله، وأن يبحث عن طريق لتخفيف مصابه لا تخالف الشرع المطهر.
والله أعلم.