عنوان الفتوى : فسخوا شركتهم فادعى أحدهم أن له راتبا مستحقا فما الحكم
ترك لنا والدنا شركة بعد وفاته، وكلفنا أحد إخواننا بإدارتها ومتابعة أمورها لحين بيعها الذي تم بعد أكثر من سنة من وفاة الوالد ـ رحمه الله ـ وبعد بيع الشركة في نهاية شهر مايو طلب منا أخونا الذي انتقل عمله إلى المالك الجديد أن نبقي على تحويل راتبه الشهري من حساب شركتنا السابق لاحتياجه إلى وجود تحويل راتب شهري ليتسنى له استقدام زوجته على أن يقوم بتسديدها من راتبه المقبوض من مكان عمله الجديد، واتفقنا معه على أن يستلم راتبي شهر يونيو ويوليو لمتابعة إنهاء عقود الشركة قبل بيعها، حيث إنها من حصتنا لا للمالك الجديد، وفي شهر أغسطس حصل على طلبي تحويل راتب لشهر أغسطس من أخوين لنا مخولين بالتوقيع وبدون علم أي منهما بوجود طلب تحويل راتب موقع من الأخ الآخر، وأخبر أحدهما قبل التوقيع أن المبلغ هو دين عليه ليسدده لاحقا، وقام باستخدم الطلبين في نفس اليوم، وبعد مراجعته بازدواجية الصرف قال بأن هذه المبالغ هي بمثابة الدين عليه عن شهر أغسطس وعن شهر سبتمبر، والمشكلة بدأت عندما خصمت المبالغ التي اقترضها من مستحقاته من الميراث بعد حصره وتوزيعه في نهاية أكتوبر، واعتبر هذا تعديا عليه ولم يعترف بأن مبلغ شهر أغسطس قرض، بل قال إنه يستحق الراتب عن شهر أغسطس، حيث إنه كان لا يزال يتابع العقود الخاصة بالشركة قبل بيعها وأنه اضطر لقول إنه سيستدين المبالغ وسحب راتب الشهر اللاحق سلفا لأنه لو قال إنه راتب مستحق له فلن نوافق على دفعه، وبما أنني القائم بالتوزيع تعرضت لضغوط من والدتي وإخواني وأخواتي لشطب الدين عنه واعتباره يعمل في الشركة عندنا لمدة شهر وذلك لتأخر معاملات انتقاله للعمل الجديد من جهة واحتياجه للمال من جهة أخرى لقرب موعد زواجه، وعلى الرغم من قضائه تلك الفترة في البيت دون دوام، وبعد تدخل أحد إخواني أصبح يطالب بشهري دوام بدل شهر واحد أي أغسطس بالإضافة إلى سبتمبر ومع عدم اقتناع قسم منا بأنه يستحق هذا المال، سواء شهرا، أو شهرين جاءت فكرة أن يشهد على نفسه ويقسم بأن المال حلال له حيث قام وشهد بأنه يستحق شهري الراتب دون قسم أمام ثلاثة من إخوانه وكتب ورقة بالمبالغ التي يستحقها، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الأخ مكلفاً من قبلكم بإنهاء العقود ومتابعة انتقال الشركة مقابل راتب يمنح له فهو يستحق ذلك وحتى لو لم يشترط ذلك نصاً وكان العرف جارياً به، إذ المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً وهو غير متبرع بما قام به من عمل لإتمام انتقال الشركة إلى المالك الجديد، وأما بعد انتهاء المهمة المكلف بها فلا يستحق راتباً وما أخذه على سبيل القرض يلزمه رده، أو احتسابه من نصيبه في التركة إلا أن يتفق جميع الورثة على التنازل له عنه فلا حرج في ذلك إذا كانوا جميعهم رشداء بالغين، وإن رضي البعض وأبى البعض الآخر فيكون المبلغ من نصيب من رضي دون من كره، وليس للإخوة أن يتصرفوا في التركة بدفع بعضها، أو التنازل عن بعض دون رضى الجميع إلا إذا كان ذلك فيما يخص حقوقهم إلا أن يوكلوا من قبل الجميع بالتصرف فيما يرونه فلهم ذلك وعلى كل، فإذا ادعى الأخ استحقاقه لمبلغ يساوي راتبين، أو أكثر دون أن تكون له بينة على ذلك وصدقتموه فلا حرج عليكم وهو يتحمل وزر دعواه إن كانت كاذبة ولو حكم القاضي له بذلك وهو كاذب في نفس الأمر فإن حكم القاضي لا يبيح الحرام، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري.
وإن صدقه البعض وكذبه الباقون فيلزم من أقروا له بصحة دعواه أن يدفعوا إليه حقه بحسب نصيبهم كما لو فرضنا أن حقه ألف والورثة عشرة فكل واحد يدفع مائة ولو أقر بصحة دعواه اثنان فيدفعان مائتين وهكذا وعلى كل، فالمال مالكم والحق حقكم ولو تنازلتم لأخيكم عن بعضه، أو تنازل هو عما يدعي كونه حقاً له فلا حرج في ذلك وهو الأولى، فالصلح خير سيما بين الإخوان، فالمال عرض زائل لا ينبغي أن يفرق بين الإخوان ويزرع في قلوبهم البغضاء والشحناء والإخوة أسمى وأبقى.
والله أعلم.