عنوان الفتوى : علامات قبول التوبة والدعاء وشرط صحة رؤية النبي في المنام
أريد أن أسأل حضراتكم عن معنى التوبة في الأصل وهو أن الإنسان إذا أذنب ذنوبا كثيرة ثم سأل هل له من توبة؟ فقيل له إن الله يغفر الذنوب جميعا يعنى أن له توبة وبدأ يستحضر شروط التوبة بأكملها حتى استوفاها وخلصت نيته في التوبة فكيف يعرف في هذا الحال أنه تائب عند الله وأن الله تقبل منه توبته؟ وهل لذلك علامات أو أدلة، أو دلالات تدل على أنه تائب عند الله؟ وكذلك من رأى رؤيا في المنام يقول عنها إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه فكيف يعلم صدقها من كذبها؟ وهل هناك علامات لا بد أن تظهر في حياة الإنسان قبل أن تأتيه الرؤيا في منامه؟ وهل كل من يدعي أنه رأى شخص الرسول صلى الله عليه وسلم فقد رآه حقا؟ أم لا بد للأمر أن يتضح بعلامات تظهر في حياته قبل أن يراه حق اليقين؟ ومن دعا الله حاجات لتقضى له يقال إنه إذا ارتعدت فرائصه من خشية الله فتلك علامة من علامات القبول والاستجابة وإذا تحركت يده، أو جاءته صعقة أثناء الدعاء فذلك أيضا من علامات القبول والإجابة، والله أعلم بما يروى في هذا السياق ولكن هل هناك علامات لا بد من ظهورها؟ منهم من يسميها خوارق العادات، ومنهم من يسميها الكرامات ينالها الإنسان في حياته قبل أن يدركه الأمر، ومنهم من يقول مثلا لابد أن تتلبد السماء بالسحب لنزول الغيث كعلامات البركة في الدعاء، وقد حصل الكثير لدينا من هذه العلامات مثل سماع أصوات الملائكة، أو رؤية الموتى في اليقظة يمشون أمام من بعمله؟ ذلك تقبل الله منه وأراه من الغيب ما لا يعلمه إلا هو، ومنهم من يقول إن طفلا تنشب منه نار حامية كلما جلس مجلسا يذكر فيه اسم الله ويصلى على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول إنه رأى الجدار بنشق أمامه في ليلة من ليالي القدر فيخرج منه خلق غير خلقنا لهم نور وذلك بسبب دعائه وثباته عليه حتى بلغ ليلة القدر، فهذه الحوادث الغريبة التي تظهر عندنا لا بد لها من تفسير يعجز العقل عنها فكيف برؤيتها تقع ولأول مرة يذهل لها العلماء، المهم أننا لازلنا نرى العجب العجاب، وهي من العلامات التي يقال إنه إذا ظهرت في شخص ما فهي بعمل كان يعمله لله في سره ويخفيه وقد قبل الله منه واستجاب له ولكن ليبرر قبوله له يكشف علامات الاستجابة، فإن كان للدعاء إلى الله والتضرع له في الخفاء مثل هذا العلامات فهل هناك في التوبة بعد الذنب علامات حتى يعرف المسلم أن الله تاب عليه أم لا؟ وهل هناك في رؤية شخص الرسول صلى الله عليه وسلم من علامات لا بد أن تظهر حتى يعلم النائم أنه قد رأى الرسول حقا وليس شخصا آخر يدعي به رؤية الرسول؟ وهل هناك علامات لمثل هذه الأحوال، أو تلك؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر أهل العلم بعض العلامات التي يستأنس بها على صحة التوبة وقبولها، ومن ذلك ما ذكره ابن القيم في مدارج السالكين فقال: التوبة المقبولة الصحيحة لها علامات، منها: أن يكون بعد التوبة خيرا مما كان قبلها.
ومنها: أنه لا يزال الخوف مصاحبا له لا يأمن مكر الله طرفة عين.
ومنها: انخلاع قلبه وتقطعه ندما وخوفا، وهذا على قدر عظم الجناية وصغرها، وهذا حقيقة التوبة، لأنه يتقطع قلبه حسرة على ما فرط منه وخوفا من سوء عاقبته فمن لم يتقطع قلبه في الدنيا على ما فرط حسرة وخوفا تقطع في الآخرة إذا حقت الحقائق وعاين ثواب المطيعين وعقاب العاصين، فلا بد من تقطع القلب إما في الدنيا وإما في الآخرة.
ومن موجبات التوبة الصحيحة أيضا كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء ولا تكون لغير المذنب، لا تحصل بجوع ولا رياضة ولا حب مجرد، وإنما هي أمر وراء هذا كله تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة قد أحاطت به من جميع جهاته وألقته بين يدي ربه طريحا ذليلا خاشعا، فهذا وأمثاله من آثار التوبة المقبولة فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته وليرجع إلى تصحيحها. اهـ.
وقد سبق لنا ذكر بعض أمارات قبول التوبة في الفتاوى التالية أرقامها: 5450، 5646، 121330، 24210.
وكذلك سبق لنا بيان شرط صحة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وهو أن تكون على صورته المعروفة له في حياته صلى الله عليه وسلم، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 59214، ورقم: 23970.
وأما ما ذكره السائل من علامات قبول الدعاء :
فمنها ما هو غير لازم، كارتعاد الفرائص، وحركة اليد والصعق، فلا يشترط حصول مثل ذلك للدلالة على قبول الدعاء في ليلة القدر ولا غيرها.
ومنها ما هو غير معقول، كرؤية الموتى في اليقظة ورؤية طفل تنشب منه نار حامية! فمثل هذه الأمور أقرب إلى التوهم منها إلى الحقيقة.
والله أعلم.