عنوان الفتوى : لا تعارض بين خلق الله تعالى لآدم بيده وقوله له كن فيكون
فقد روى الحاكم في المستدرك عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: خلق الله أربعة أشياء بيده: العرش وجنات عدن، وآدم، والقلم ـ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح. فالتنصيص على خلق الله سبحانه لهذه الأربعة بيده يدل على أن غيرها ليس كذلك، وعلى هذا فتكون المخلوقات غير هذه الأربعة خلقها تعالى بقوله كن فيكون، ويؤيد هذا رواية الطبري في التفسير عن ابن عمر قال: خلق الله أربعة بيده، فذكر هذه الأربعة كما في الأثر المتقدم، وزاد: ثم قال: لكل شيء كن فكان، فكيف يمكن أن يتوافق هذا الكلام مع الآية الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ـ الآية 59 من سورة آل عمران، فكيف يتوافق كون آدم مخلوقا بيد الله من غير كن فيكون في الرواية التي فوق وما قاله الله في الآية الكريمة عن خلق آدم بكن فيكون؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فخلق الله تعالى آدم بيديه ثابت بالقرآن فضلاً عن النصوص المذكورة، كما قال تعالى: قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ { ص: 75 }.
ولا تنافي بين هذا وبين أن آدم عليه السلام خلق بكن، فإنه عليه السلام قد جمع الله له بين الأمرين فخلقه بيده ثم قال له كن فكان، وأما سائر المخلوقات فإنما خلقها الله بالكلمة، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: فإن آدم عليه السلام خلق من تراب وماء فصار طينا، ثم أيبس الطين ثم قال له كن فكان. انتهى.
وقال أيضاً: وكذا قوله: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ـ فأخبر أنه قال له: كن فيكون ـ بعد أن خلقه من تراب. انتهى.
فليس ثم تعارض البتة بين خلق الله آدم بيده وبين قوله له كن فيكون.
والله أعلم.