عنوان الفتوى : فضل وثواب تعلم العلوم الدنيوية النافعة
يوسوس لي الشيطان أحيانا أن تعلمي العلوم الدنيوية لا فائدة منه ليحبطني وليجعلني أترك تعلمها، ولكنني أحاول مقاومته ولله الحمد أعطاني الله قدرات هائلة جدا أود أن أنفع بها الأمة وأن أسعى لاستغلال قدراتي وأستغل وقتي الذي هو ثروتي فأنا أجد أنني عندما أستغله أستطيع أن أجمع بين العلوم الدينية والدنيوية، وكذلك يوسوس لي الشيطان بأن هذه الأحاديث عن فضل العلم ليس لطالب العلم الدنيوي من نصيب حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا عبد الله بن داود عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس قال كنت جالسا عند أبي الدرداء في مسجد دمشق فأتاه رجل فقال يا أبا الدرداء أتيتك من المدينة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم قال، فما جاء بك تجارة قال لا قال ولا جاء بك غيره، قال لا قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات المؤمن انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. وقال: من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً، أو يعلمه كان له كأجر حاج تاماً حجته. وروى سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله تعالى عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل الأعمال على ظهر الأرض ثلاثة: طلب العلم، الجهاد، والكسب، لأن طالب العلم حبيب الله والغازي ولي الله، والكاسب صديق الله. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه وعالما ، أو متعلما. وعن أبي أُمامة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، ثم قال: إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليُصلُّون على مُعلميِ الناس الخير. س: هناك حديث من الأحاديث التي ذكرتها يعطى ثواب حجة تامة لمن غدا إلى المسجد ليتعلم، فهل يمكن بالقياس أن ينال طالب العلم الدنيوي الذي يبتغي بتعلمه وجه الله ثواب حجة إذا ذهب إلى المدرسة مثلا؟ وهل من الممكن ذكر مزايا أخرى لتعلم العلم، حيث إنني أملك جميع القدرات المادية والعقلية لنفع الأمة، ولكن ينقصني الحماس والإصرار؟ أرجو منكم أن تدعو لي بالتوفيق والبركة وأن يحفظني الله من كل سوء وحسد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة عن السؤال نشد على يديك ونقوي من عزيمتك ونسأل الله تعالى أن يعينك ويبارك سعيك ويرزقك النجاح في الدنيا والآخرة، ونود أن نؤكد لك ـ أخي الكريم ـ حاجة الوطن والأمة جمعاء إليك وإلى أمثالك من أبنائها البررة وطلبة العلم الذين يحملون هذه الأفكار النيرة ويحبون الخير لأمتهم ويجمعون بين تحصيل العلوم الشرعية والدنيوية، ونسأل الله تعالى لك ولكل طالب علم مخلص التوفيق والسداد والأمن والحفظ من كل سوء ومكروه.
وبخصوص السؤال: فلا شك أن تعلم العلوم الدنيوية النافعة من فروض الكفاية التي يجب على المسلمين القيام بها، وإذا أهملوها أثموا جميعا، وإذا قام بها بعضهم سقط الإثم عن الجميع، ولأهمية القيام بفروض الكفاية في الشريعة الإسلامية قال بعض العلماء: إن القيام بها أفضل من القيام بفرض العين لعموم نفعها وإسقاط الإثم بالقيام بها عن جميع الأمة، قال صاحب المراقي:
وهو مفضل على ذي العين في زعم الأستاذ مع الجويني.
فطلب هذه العلوم من أعظم العبادات وأنفع القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وقد تتعين على بعض الطلبة فيكون تحصيلها فرض عين عليهم إذا توجهوا إليها وكانوا مؤهلين لتعلمها وكانت الأمة محتاجة إليها ولم يوجد مؤهل للقيام بها غيرهم، ولا يستبعد أن يكون تعلم هذه العلوم فرض عين بالنسبة لك ولأمثالك فامض في طريقك ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان، وأخلص النية لله تعالى في أعمالك كلها وفي طلب العلم سواء كان دينيا، أو دنيويا لتفوز بسعادة الدارين، فقد علمت فضل طلب العلم وشرف أهله.
وبخصوص الثواب في الحديث الذي أشرت إليه فإننا لم نقف على نص في ذلك، ومثل هذا لا يجوز أن يقال فيه بالرأي، ولكن ما ذكر من الأجر والخير في العمل الصالح لوجه الله كاف لشد الهمم لذلك فهذا العمل منها ومن أنفعها.
والله أعلم.