عنوان الفتوى : أخوه شاذ ، فما هي مسئوليته تجاهه ؟!
أعتقد أن أخي شاذ ، وأقول هذا بسبب أحاديثه ، وطريقة تصفيفه لشعره ونوع ملابسه التي يرتديها ، والأشياء التي يهتم بها ، وذات مرة استخدمت ذاكرة البيانات الخاصة به (USB) ورأيت أفلاما جنسية ، فوجدته جماعا من الدبر ، ولا أدري إن كان بين رجلين ، لأنني أغلقت بسرعة ، وحذفت الملف ، ولقد كنت أسأله عنها وكان يقول إنه لا يدري أين هي ، ولكنني في النهاية وجدتها في غرفته ، كما أنني فحصت جهاز الكمبيوتر الخاص به فوجدته يدخل علي مواقع للشواذ في البلد التي يدرس فيها. وسؤالي هو : هل علي أن أنصحه وأحذره من سوء عاقبة هذا الذنب ؟
الحمد لله
أولا :
إن الشذوذ ، سواء كان في الرجال في النساء ، هو من أقبح ما يبتلى العبد به من الفواحش والمنكرات ، وأشنعها عارا لصاحبها في الدنيا والآخرة ، حتى قال ابن القيم رحمه الله في شأن من يبتلى بها : إنه يَفسد فساداً لا يرجى له بعده صلاح أبداً ، ويَذهب خيرُه كله ، وتمص الأرضُ ماء الحياء من وجهه ، فلا يستحي بعد ذلك لا من الله ، ولا من خلقه !!
بل إن الله تعالى دمر قرية بأكملها على أهلها ، وهي قرية قوم لوط ، لأجل هذه الفاحشة .
وينظر جواب السؤال رقم (10050) ، ورقم (38622) ورقم (20068) .
والواجب عليك تجاه أخيك أن تعرفه ما فيه هذه القاذورة من عار الدنيا والآخرة ، وفساد الدين والدنيا على صاحبها ، وهوانه على الله وعلى الخلق باستمرائه لها ، ومضيه فيها ، وتخوفه عاقبتها ، وحكم صاحبها في الشرع .
ثم عليك أن تغلق عنه كل سبيل يسهل له هذه الفاحشة ، أو يدعوه إليها ، وإذا أمكنك أن تنقله من موضع الدراسة الذي يذهب فيه ، وبدأ يعرف مواقع الشواذ فيه ، فافعل ، وإن كان هو تحت ولايتك ومسئوليتك ، فامنعه من ذلك بكل سبيل تستطيعه ، واعلم أنك مسئول عنه ، ما دام في رعايتك ، وتحت سلطانك .
بل لو لم يكن هذا المبتلى أخا لك ، أو لم يكن لك عليه سلطان : لكان الواجب عليك أن تسعى بكل ما تستطيع إلى إزالة هذا المنكر الذي تراه ، وأن تمنع صاحبه منه ، وأن تناصحه في الله ، وتخوفه من عقابه .
روى مسلم في صحيحه (70) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) .
وينظر للأهمية جواب السؤال رقم (52893) ، ورقم (39357) .
ثانيا :
إن هذه المؤشرات التي تراها في مظهر أخيك ، من ملبس ، ومظهر خارجي ، وطريقة في الكلام ، كل هذا من المنكرات ، وهي سبيل إلى اللواط والفواحش ، حتى ولو لم تعلم أن أخاك قد وقع في ذلك فعلا ؛ فكيف لو ظهر عليه ما يدل على أن وقع في ذلك .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ ، وَقَالَ : أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ ) . رواه البخاري (5436) .
قال المباركفوري رحمه الله :
" أَيْ : الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ فِي الزِّيِّ وَاللِّبَاسِ وَالْخِضَابِ وَالصَّوْتِ وَالصُّورَةِ وَالتَّكَلُّمِ وَسَائِرِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ ... ؛ فَهَذَا الْفِعْلُ مَنْهِيٌّ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ .
قَالَ النَّوَوِيُّ : الْمُخَنَّثُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا : مَنْ خُلِقَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَكَلَّفْ التَّخَلُّقَ بِأَخْلَاقِ النِّسَاءِ وَزِيِّهِنَّ وَكَلَامِهِنَّ وَحَرَكَاتِهِنَّ وَهَذَا لَا ذَمَّ عَلَيْهِ وَلَا إِثْمَ وَلَا عَيْبَ وَلَا عُقُوبَةَ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ .
وَالثَّانِي : مَنْ يَتَكَلَّفُ أَخْلَاقَ النِّسَاءِ وَحَرَكَاتِهِنَّ وَسَكَنَاتِهِنَّ وَكَلَامَهُنَّ وَزِيَّهُنَّ ، فَهَذَا هُوَ الْمَذْمُومُ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَعْنُهُ " انتهى .
نسأل الله أن ييسر لك أمرك ، وأن يصلح أخاك ، ويعنيك على تأديبه .
والله أعلم .