عنوان الفتوى : شاذ جنسياً ويريد العلاج
أنا مسلم وعمري 16 سنة ، أصلي وأصوم باستمرار وأنا مستقيم في حياتي ولكن المشكلة أنني شاذ جنسياً، كنت في البداية أفكر في والدي، أظن أنني أصبحت شاذا بسبب الجينات ، أشاهد صوراً سيئة ولكني أريد أن أقلع عن هذا ، أنا لم أمارس الجنس أبداً في حياتي، أنا حقاً أخاف من الله وأدعوه دائماً أن يساعدني . أرجوك يا سيدي أنا أترجاك أن تخبرني عملياً كيف أتخلص من هذه الكارثة السيئة.
الحمد لله.
نسأل الله تعالى أن يعجل بشفائك من هذا الداء العظيم ، وأن يطهر فؤادك من كل درن ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، فإن الوقوع في مثل هذه المعصية العظيمة ، لا يتوقف ضرره عند حد العقوبة الأخروية ، وإنما يتجاوز ذلك ليكون جزءً منه مقدما ً في الحياة الدنيا ، ولو لم يكن من ذلك إلا دوام الحسرة والألم التي لا تكاد تفارق ذهن المرء لكفى ، فكيف إذا انضاف إلى ذلك تلك الأمراض الفتاكة المستعصية التي أجمع الأطباء على أنها تكون ملازمة لهؤلاء الشواذ ، ولعلك أخي أن تستزيد من ذلك إذا رجعت إلى السؤال رقم (10050)
وأما العلاج لمشكلتك فيتلخص فيما يلي :
أولاً :
عليك بإحداث التوبة الصادقة من قلبك ، واللجوء إلى الله ، والندم على ما بدر منك ، وكثرة الدعاء والإلحاح على الله أن يغفرها لك ، وأن يعينك على التخلص منها ، فإن الله أكرم مسؤول وأقرب مجيب ، وقد قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر / 53
فانطرح بين يدي الله باكياً متضرعاً مظهراً الفقر والحاجة إليه ، مستغفراً ، وأبشر من عند الله تعالى بالفرج والمغفرة .
ثانياً :
احرص على تعاهد بذرة الإيمان في قلبك ، فهي حين تنمو تثمر سعادة الدنيا والآخرة.
إن الإيمان بالله عز وجل هو العاصم- بعد توفيق الله سبحانه- للعبد من مواقعة الحرام ، أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"
رواه البخاري (2475) ومسلم (57)
إذاً فحين يعمر الإيمان قلبك، ويملأ فؤادك ومشاعرك فلن تتجرأ بإذن الله على محارمه ، والمؤمن لو وقع مرة فسرعان ما يفيق؛ فقد وصف الله تعالى عباده بقوله : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) الأعراف / 201 .
ثالثاً :
حاول أن تأخذ بالوصية النبوية لمعشر الشباب ، ألا وهي الوصية بالزواج إذا كنت تستطيع ذلك ، ولا تلتفت إلى كون سنك صغيراً فليس صغر السن مانعاً من الزواج ، كلا ، ومادمت محتاجاً إلى الزواج فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) ، فاحرص على هذه الوصية النبوية ، فإن فيها علاجاً لك بإذن الله .
ولا بأس أن تصارح أباك وأمك بحاجتك ورغبتك في النكاح ، واحذر أن يمنعك الحياء من ذلك .
ففكر تفكيراً جادا بالزواج ولا تخش الفقر وسيغنيك الله من فضله قال تعالى : ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور /32 .
ويخبر صلى الله عليه وسلم أن من تزوج بنية صالحة أعانه الله تعالى؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف " رواه الترمذي (1655) والنسائي (3120) وابن ماجه (2518) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم(1917)
رابعاً : حين لا يتيسر أمامك أمر الزواج ، فثمة حلّ آخر إنه الصيام ، فلم لا تفكر أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، أو يومي الاثنين والخميس ؟
فكم في الصيام من الأجر العظيم ، قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى : " كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " رواه البخاري (1904) ومسلم (1151) .
وأخبر تبارك وتعالى أنه فرض علينا الصيام لتحقيق التقوى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُـمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة / 183 .
إن الصوم - مع ما فيه من الوقاية من الانسياق وراء الشهوة، ومن الأجر العظيم عند الله - يربي في الإنسان قوة الإرادة والصبر والتحمل ، والاستعلاء على رغبات النفس وملذاتها ، فبادر أخي بالصوم لعل الله أن يخفف عنك .
خامساً :
إياك والتساهل في النظر إلى المحرمات من المجلات الهابطة والصور الخليعة ، التي تهيج على ارتكاب الفواحش والموبقات ، وتُبقي في القلب أثراً عميقاً سيئاً والعياذ بالله ، قال تعالى : ( ْقل للمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور / 30
واعلم أنك حين تتساهل بهذا المنكر تعطي الشيطان فرصة سانحة ليزين لك ما وراء ذلك مما لا يخفى ، وإنما نشط في ذلك بسبب أنك تنازلت له ولو لمرة واحدة .
سادساً :
تذكر حين يأتيك هاجس المعصية ، ووسوسة الشيطان باقتراف المعصية أن جوارحك هذه ستشهد عليك يوم القيامة بهذه المعصية ، ألا تعلم أن هذه الجوارح وهذه الفتوة والنشاط نعمة من الله عز وجل عليك ؟
فهل من شكر نعمة الله أن تصرفها في المعصية والتمرد على أوامر الله عز وجل ؟
ثمة أمر آخر جدير بك أن تتفطن له، اقرأ معي هذه الآية ( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) فصلت / 20-21.
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ ، فَقَالَ : ( هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ ؟ قَالَ : قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ ، يَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنْ الظُّلْمِ ؟ قَالَ : يَقُولُ : بَلَى . قَالَ : فَيَقُولُ : فَإِنِّي لا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلا شَاهِدًا مِنِّي . قَالَ : فَيَقُولُ : كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا ، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا . قَالَ : فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ ، فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ : انْطِقِي . قَالَ : فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ . قَالَ : ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلامِ . قَالَ : فَيَقُولُ : بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ ) رواه مسلم (2969).
سابعاً :
ابتعد عن الخلوة بنفسك فإنها مدعاة للتفكير في الشهوة ، وحاول أن تملأ وقتك بما يفيدك من الأعمال الصالحة ، من قراءة القرآن ، والذكر والصلاة .
ثامناً :
اجتنب مصاحبة الأشرار الفساق الذين يطرقون هذه المواضيع ، ويتحدثون فيما يثير الشهوة ويُهَوِّنُ المعصية ويجرئ عليها . وعليك بصحبة الأخيار الذين يذكرونك بالله تعالى ، ويعينونك على طاعته ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) رواه الترمذي (2378) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1937) .
تاسعاً :
لو قُدِّر أنك وقعت في المعصية على حين ضعف منك ، فلا تتمادى في ذلك بل كن سريع التوبة أواباً إلى الله تعالى ، عسى أن تكون من هؤلاء الذين قال الله تعالى فيهم ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران / 135 .
أخي . . لا تيأس من رحمة الله تعالى ، وإياك ثم إياك أن يتمكن الشيطان من نفسك ، ويوسوس لك أن الله تعالى لن يغفر لك ، فإن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب إليه .
أرجو من الله تعالى أن يعينك على نفسك ويسهل لك الخروج من هذا الداء .
وللاستزادة من الموضوع أنصحك بقراءة كتيب ( كيف تواجه الشهوة حديث إلى الشباب والفتيات )
أسئلة متعلقة أخري |
---|
شاذ جنسياً ويريد العلاج |