عنوان الفتوى : الطلاق في طهر مسها فيه بدعي وهو واقع عند الجمهور
منذ ثلاث سنين تزوجت من رجل لديه زوجة أخرى وأبناء دون علم زوجته الأولى، وبعد أشهر علمت بالأمر، فطلب مني أن نطلق طلاقا في المحكمة حتى لا يفقد زوجته وأولاده، ومن شدة غضبي ذهبت معه للمحكمة، وطلقني رغم أن القاضي اشترط أن أنتظر الحيض، فكذبت وقلت إنني اغتسلت منها يوم أمس، رغم أن موعدها كان بعد أسبوع. فهل هذا الطلاق يعتبر شرعيا أم لا؟ لأنه بعدها أخبرني أن طلاقنا باطلا، لأنه كان مبنيا على الإكراه، وأنني كذبت على القاضي في الحيض، وبصراحة استمررت في العيش معه، لأنني في دولة غير بلدي ولم يكن لدي مكان ألجأ إليه، ولم يعرف أحد بطلاقنا لا من أهلي ولا من الجيران غير زوجته الموجودة في بلد آخر، واستمر الأمر شهورا إلى أن تزوجنا مرة أخرى بعقد زواج جديد، وفي زواجنا الثاني تحايلت على أبي كي يبعث لي توكيلا بالزواج بحجة أنني أريد توثيق العقد، والآن أنا على ذمته، لكن لا أعرف إن كان ما فعلته جرما أم لا؟ وما حكم الشرع في زواجي؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي سؤالك نوع من الغموض، والذي فهمنا منه هو أن زوجك قد طلقك، وكان هذا الطلاق في طهر مسك فيه. فإذا كان الأمر كذلك، فإن طلاق الزوج زوجته في طهر مسها فيه يعتبر طلاقا بدعيا، والراجح القول بوقوعه وهو مذهب الجمهور، كما بينا بالفتوى رقم: 110547.
والطلقة التي يوقعها الزوج تقع رجعية، وإيقاعه إياها أمام القاضي لا يخرجها عن كونها رجعية، قال الدسوقي في حاشيته: أما لو أوقعه الزوج فإنه يكون رجعيا ولو جبره القاضي على إيقاعه وحكم ببينونته بأن قال حكمت بأنه بائن. اهـ.
وإذا كان الطلاق رجعيا ملك الزوج رجعة زوجته فيه ما دامت في العدة، والرجعية في حكم الزوجة فلها أن تسكن مع الزوج في البيت وأن تتزين له، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 10508.
وإذا جامعها في العدة، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن مجرد وطء الزوج زوجته تصح به الرجعة، وهذا مبين بالفتوى رقم: 30719.
وعلى تقدير حصول البينونة فلا بد من تجديد العقد بإذن الولي، فإذا وكل وليك من يتولى توثيق النكاح السابق لم يجز له أن يتولى عقد النكاح بهذا التوكيل، فإذا تولى العقد كان نكاح فضولي، وراجعي في حكمه الفتوى رقم: 105833
وإذا قام بتوكيلك أنت فالنكاح باطل، إذ لا يجوز للمرأة أن تتولى تزويج نفسها ولو وكلها وليها بذلك، فيجب في هذه الحالة فسخ النكاح وتجديد العقد على وجهه الشرعي، وإن وجد من هذا النكاح ولد ألحق بأبيه للشبهة، وأما إخبارك لأبيك بخلاف الواقع فكذب تجب عليك التوبة منه.
وننبه إلى أنه ليس كل إكراه مانعا شرعا من وقوع الطلاق، فالذي يمنع من وقوعه هو الإكراه الملجئ، وقد أوضحنا ضابطه بالفتوى رقم: 6106.
والله أعلم.