عنوان الفتوى : هل تجب طاعة الأم في منع ابنتها من الخروج إلى العمل
فتاة تحصل على معاش محترم ويمكنها القرار بالبيت، لولا مشاكل عدة بالأسرة ومضار عظيمة تفوق منفعة القرار بالبيت حتما.والأم هي التي تصرف على البيت، ولكن التحكم بالكامل للأخت الصغرى التي لا تسمح لهذه الفتاة الكبرى بالطعام إلا بإذنها وهي تتعمد إذلالها، وتجويعها أحيانا..والأم تسكت لا عن ضعف، ولكن مسألة إيقاد المشاكل والتمتع بإذلال الآخرين وراثة واضحة في كثير من أفراد عائلتهم، حينما حاولت الكبرى العمل بوظيفة آمنة شرعا وذات رسالة حتى تتخلص من هذه المشكلات والإذلال إذ هي في الأصل غنية لا تقبل أن تستجدي لقمتها أبدا، قالت لها أمها -المسنة- صراحة أنها لا تحبها أن تعمل وتحبها أن تشعر أن أبناءها كلهم حولها (لعل ذلك يطمئنها).البنت في صراع بين شعورها بالواجب ولا شك تجاه والدتها ببرها، وكونها مسلمة تقبل الذل واستجداء الطعام وهي في استطاعتها أن تعف نفسها.والعمل كالبقاء في البيت بالنسبة لها، لأنهم لا يحبونها أن تجالسهم كثيرا في المنزل فتقعد في حجرتها أو تخرج لبعض عمل الخير، فرأت أن خروجها للعمل بأجر وإعفاف نفسها لا بأس به.لكنها تعلم أن أمها تحب بقائها ولو في حجرتها.فكيف تنصحون وجزاكم الله خيراأرجو أن يكون الكلام مفصلا لأنني سأنقله مباشرة إلى صاحبة المشكلة، لأنها لن ترسل لتسأل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قرار المرأة في البيت هو الأصل وهو الذي أمر الله تعالى به نساء المؤمنين فقال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: 33}.
فمهما أمكن المرأة المسلمة القرار في البيت فهو أفضل. وراجعي الفتوى رقم: 137069.
ويجوز للمرأة أن تخرج للعمل الذي يتناسب مع طبيعتها والذي لا تختلط فيه بالرجال اختلاطا محرما، وتلتزم فيه بالستر والحجاب ونحو ذلك من الضوابط الشرعية.
وإذا منعت الأم ابنتها من الخروج إلى هذا العمل فالأصل أنها يجب عليها طاعتها في ذلك، لأن طاعة الوالدين في المعروف واجبة، ولكن إن كان الواقع ما ذكر من أن البنت في حاجة إلى العمل لتعف نفسها وتدفع عنها الضرر فلتجتهد في محاولة إقناع والدتها بالسماح لها بالخروج، فإن رفضت فلا حرج عليها في الخروج إلى العمل من غير رضا أمها، وعليها أن تحرص على البر بأمها والإحسان إليها على كل حال. وانظري الفتوى رقم: 76303.
ثم إننا ننصحها بأمرين:
الأول: الصبر على ما قد تجد من أذى أهلها، ومقابلة إساءتهم بالإحسان، فذلك مما قد تنقلب به العداوة إلى مودة وصداقة، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34 }.
وعليها أن تذكرهم بما لها عليهم من حق المودة في القربى. وتراجع الفتوى رقم: 1764.
الثاني: الزواج فقد يكون خير مخرج لها مما هي فيه، فلتكثر من سؤال الله تعالى أن ييسر لها زوجا صالحا، ويمكنها أن تستعين ببعض صديقاتها، هذا مع العلم بأنه لا حرج على المرأة في البحث عن زوج صالح، ما دام ذلك في حدود الحشمة والأدب. وراجعي الفتوى رقم: 18430.
والله أعلم.