عنوان الفتوى : حكم الذكر بالقلب دون حركة اللسان
هل يشترط في قراءة القرآن والأذكار تحريك اللسان ؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : النَّاسَ فِي الذِّكْرِ أَرْبَعُ طَبَقَاتٍ : إحْدَاهَا : الذِّكْرُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ . الثَّانِي : الذِّكْرُ بِالْقَلْبِ فَقَطْ ، فَإِنْ كَانَ مَعَ عَجْزِ اللِّسَانِ فَحَسَنٌ ، وَإِنْ كَانَ مَعَ قُدْرَتِهِ فَتَرْكٌ لِلْأَفْضَلِ . الثَّالِثُ : الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ فَقَطْ ، وَهُوَ كَوْنُ لِسَانِهِ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ . الرَّابِعُ : عَدَمُ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ حَالُ الْخَاسِرِينَ " انتهى باختصار . "مجموع الفتاوى" (10 / 566) . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه - : وَذِكْر اللَّه تَعَالَى ضَرْبَانِ : ذِكْر بِالْقَلْبِ ، وَذِكْر بِاللِّسَانِ ، وَذِكْر الْقَلْب نَوْعَانِ . أَحَدهمَا : وَهُوَ أَرْفَع الْأَذْكَار وَأَجَلّهَا الْفِكْر فِي عَظَمَة اللَّه تَعَالَى وَجَلَاله وَجَبَرُوته وَمَلَكُوته وَآيَاته فِي سَمَاوَاته وَأَرْضِهِ ، وَمِنْهُ الْحَدِيث : " خَيْر الذِّكْر الْخَفِيّ " وَالْمُرَاد بِهِ هَذَا . وَالثَّانِي : ذِكْره بِالْقَلْبِ عِنْد الْأَمْر وَالنَّهْي ، فَيَمْتَثِل مَا أُمِرَ بِهِ وَيَتْرُك مَا نُهِيَ عَنْهُ ، وَيَقِف عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ . وَأَمَّا ذِكْر اللِّسَان مُجَرَّدًا فَهُوَ أَضْعَف الْأَذْكَار ، وَلَكِنْ فِيهِ فَضْل عَظِيم كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيث ، قَالَ : وَذَكَرَ اِبْن جَرِير الطَّبَرِيُّ وَغَيْره اِخْتِلَاف السَّلَف فِي ذِكْر الْقَلْب وَاللِّسَان أَيّهمَا أَفْضَل ؟ قَالَ الْقَاضِي : وَالْخِلَاف عِنْدِي إِنَّمَا يُتَصَوَّر فِي مُجَرَّد ذِكْر الْقَلْب تَسْبِيحًا وَتَهْلِيلًا وَشِبْههمَا ، وَعَلَيْهِ يَدُلّ كَلَامهمْ لَا أَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الذِّكْر الْخَفِيّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ، وَإِلَّا فَذَلِكَ يُقَارِبهُ ذِكْر اللِّسَان ، فَكَيْف يُفَاضِلهُ ، وَإِنَّمَا الْخِلَاف ذِكْر الْقَلْب بِالتَّسْبِيحِ الْمُجَرَّد وَنَحْوه ، وَالْمُرَاد بِذِكْرِ اللِّسَان مَعَ حُضُور الْقَلْب ، فَإِنْ كَانَ لَاهِيًا فَلَا ، وَاحْتَجَّ مَنْ رَجَّحَ ذِكْر الْقَلْب بِأَنَّ عَمَل السِّرّ أَفْضَل ، وَمَنْ رَجَّحَ اللِّسَان قَالَ : لِأَنَّ الْعَمَل فِيهِ أَكْثَر ، فَإِنْ زَادَ بِاسْتِعْمَالِ اللِّسَان اِقْتَضَى زِيَادَة أَجْر ، قَالَ الْقَاضِي : وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَكْتُب الْمَلَائِكَة ذِكْر الْقَلْب ؟ فَقِيلَ : تَكْتُبهُ وَيَجْعَل اللَّه تَعَالَى لَهُمْ عَلَامَة يَعْرِفُونَهُ بِهَا ، وَقِيلَ : لَا يَكْتُبُونَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ غَيْر اللَّه ، قُلْت : الصَّحِيح أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَهُ ، وَأَنَّ ذِكْر اللِّسَان مَعَ حُضُور الْقَلْب أَفْضَل مِنْ الْقَلْب وَحْده . وَاَللَّه أَعْلَم . شرح صحيح مسلم لنووي وقول ابن تيمية وما نقله النووي عن القاضي عياض رحمهم الله ورحمنا معهم دليل على جواز الذكر بالقلب تهليلا وتسبيحا وقراءة القرآن والله أعلم لأن بعض العلماء يقولون لايجوز وهذا يتنافى مع فتوى هذين العالمين الجليلين فنرجو أن تفتونا بالصواب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الذكر بالقلب جائز بجميع اعتباراته التي ذكرت من العلماء، ولكن اشتراط أهل العلم في الأذكار التعبدية أن ينطق بها مثل الفاتحة وتكبيرة الاحرام وأذكار الصلاة فلا يكفي فيها الذكر القلبي، بل لا بد من حركة اللسان بها كما قال خليل في مختصره في الفقه المالكي : وفاتحة بحركة لسان.
بل إن الجمهور اشترطوا أن يسمع القارئ نفسه كما في الموسوعة الفقهية .
وراجع الفتوى رقم 35909، والفتوى رقم 28251
للاطلاع على المزيد .