عنوان الفتوى : الرقية الشرعية للشخص الممسوس والتحصن بالدعاء والأذكار
لي ابنة عمرها: 15 سنة وأشعر منذ زمن أنها لا تريدني ولا تحبني، ولكنني كنت أقول لنفسي يمكن أن يكون هذا بسبب إلحاحي عليها دائما وأنها ستكبر يوما ما وتتغير، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أحاول دائما أن أحثها على الصلاة، ولكنها تتهرب بطريقة، أو بأخرى، وعندما أسألها لماذا لا تصلين؟ تقول لا أعلم، وهناك الكثير من الأسئلة التي تجيب عنها بعبارة ـ لا أعرف لماذا ـ ولن أطيل عليكم أكثر، ولكن خلال شهر رمضان الماضي حاولت أن أعيد عليها أهمية الصلاة وخاصة في هذا الشهر الفضيل، علما بأنني عندما أكلمها أقوم بذلك بكل احترام لها ولرأيها ولا أفرض عليها شيئا، لأنني أريدها أن تعمل ذلك باقتناع وليس لإرضائي، أو خوفا مني، فقالت لي بسبب أنها عندما تصلي ترى أشياء حول السجاده تلهيها عن الصلاة، كما حاولت وصف الأشياء كالسلابيح، أو الأفاعي الصغيرة البيضاء تروش حول السجادة وتخاف منها وتتجنب الصلاة، ولكن هذا عندما تكون وحدها أما إذا صلينا معا، أو في المسجد فإنها لا ترى ذلك، وأيضا أعلمتني أنها ترى شيئا آخر وليس في أثناء الصلاة فقط، وهو شيء هلامي أبيض ليس له ملامح طوله حوالي نصف متر يخرج لها من مكان عال يتدلى من زاوية غرفتها ويكلمها وتكلمه، وعندما سألتها منذ متى ترين هذا الشيء؟ قالت منذ كنت صغيرة منذ بدأت أتذكر وأنا أراه، فقلت لها لماذا لم تخبريني طوال هذ المدة؟ قالت يقول لي لن يصدقك أحد فخفت أن لا تصدقوني وتعتبروني مجنونة، أو أتهيأ، وبمنتهى الهدوء حاولت أن أستدرجها لتسرد لي المزيد وقالت إنه كان لا يكلمها يوم كانت صغيرة، ولكن بعد أن صار عمرها حوالي: 12 سنة بدأ يكلمها ويؤنبها عندما تخطئ في حق الآخرين وينصحها دائما لا تأمني الغير حتى أبويك، وقالت إنها متأكدة من هذا الشيء وإنها لا تستطيع أن تدير ظهرها لي وعندما نمشي معا تكون دائما ورائي، وهذا صحيح، لأنني بدأت أسترجع بعدما حكت لي قلت لها إذا طلع لك مرة أخرى أعلميني وبالفعل بعد أيام قالت لي لقد رأيته ولكنه لم يكلمني ورأته مرة أخرى ولم يكلمها وبقي حوالي ربع ساعة، ولكن دون أن يتحدث إليها، وهي تقول إنه أحيانا لا يكلمها وإنما يظهر لها وإذا أراد أن يؤنبها على فعل معين فإنه يحكي معها وترد عليه ولكنها كما قالت لا تستطيع أن تقاطعه أو تبدأ بسؤاله، لأنها تحترمه وتهابه وترتاح لحديثه وتفعل وبقناعة ما يقوله لها، وقبل أسبوع سألتها: يا ابنتي أنا أحس أنك لا تحبينني ومهما فعلت لإرضائك فإنك لا تحبينني، بل أشعر أنك تكرهينني فقالت نعم أنا لا أحبك ولا أعلم لماذا؟ وأحيانا أشعر بالذنب فأحاول أن أقول لك أنا أحبك ولكنني أمثل ذلك وأرتاح عندما تخرجين من البيت وأحزن وأضجر عندما تدخلين البيت وحتى صوتك لا أريد سماعه، كل هذه الاعترافات خلال شهر مما دعاني أن أفكر في كل الاتجاهات ومنها أخذها إلى شيخ ليرقيها بالرقية الشرعية وبالفعل أخذها أبوها إلى مدينة أخرى ولكن الشيخ لم يذكر لنا ما الذي تراه منذ الصغر، وأخذتها إلى طبيب نفسي لعلها تقول له أكثر، ولكنها حكت نفس الكلام والإضافة الوحيدة هي أن هذا الشيء الذي تراه لا يحب أمها ـ التي هي أنا ـ قالت هذا للطبيب، أما لي فحاولت أن تقولها بأسلوب آخر وقالت يقول لي لا تأمنين أحدا حتى لو كان أقرب الناس إليك فمثلا أبويك، قالت للطبيب أن هذا الشيء يحذرها من أمها، لأنها ستغدر بها فأرجو الإفاده فأنا قلقة جداً على ابنتي، علما بأننا نعيش في النرويج وهذا يجعل علاجها أصعب بالتأكيد، لأننا في بلد غير مسلم، ولكنني مستعده للسفر بها إلى أي مكان إذا اقتضت الضرورة. وشكراً جزيلاً لكم وجزاكم الله خيراً وآسفة على الإطالة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لنا ولكم ولهذه البنت العافية والسلامة من شر كل ذي شر، وننصحكم بإكثار الدعاء لها وبرقيتها بالرقية الشرعية، وعلاجها بكل وسيلة مشروعة ممكنة، فإن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء، فإما أن ترقوها بأنفسكم، أو تسترقوا لها بعض الرقاة المعروفين بسلامة المعتقد واتباع السنة، وأعظم ما يتداوى به اللجوء إلى من بيده الضر والنفع وهو الله جل جلاله، فهو وحده القادر على كشف ما بها من ضر إذا صدقت في اللجوء إليه، ولهجت بذكره واعتصمت بحبله، قال الله عز وجل: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ.{ النمل: 62 }.
وحصنوا البيت من دخول الشياطين فواظبوا على قراءة البقرة كل ثلاث ليال في البيت وعلى قراءة الإخلاص والمعوذتين، وقراءة آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة كل ليلة، فإن قراءة ذلك تحفظ المسلم من الشياطين، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ، وفي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك من كل شيء ، رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
وواظبوا على صلاة أربع ركعات أول النهار، ففي الحديث القدسي: يا ابن آدم، صل أربع ركعات أول النهار أكفك آخره ، رواه أحمد وابن حبان والطبراني، وقال المنذري والهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.
واحرصوا على أذكار الصباح والمساء، ومن ذلك تكرار حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات عند المساء والصباح، ففي الحديث: من قال حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة ، رواه ابن السني، وصححه الأرناؤوط ، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 58076، 51475، 52122، 47939، 80694، 70365، 75778، 72511.
والله أعلم.