عنوان الفتوى : الطلاق على الإبراء وهل يحتسب الخلع من الطلقات الثلاث
هل قرأت فضيلتك
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجوابا على اساتفساراتك نقول :
1ـ الطلاق على الإبراء طلاق بائن، فإذا كنت قد طلقت زوجتك على الإبراء، فلا يلحقها طلاق بعد ذلك عند جمهور العلماء ـ صريحا كان الطلاق أو غير صريح ـ قال ابن قدامة: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ بِحَالٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وعِكْرِمَةُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ, وَالْحَسَنُ, وَالشَّعْبِيُّ، وَمَالِكٌ, وَالشَّافِعِيُّ, وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَاجِهَهَا بِهِ, فَيَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لَا يُوَاجِهَهَا بِهِ, مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: فُلَانَةُ طَالِقٌ.
هذا إذا كان المقصود بالكلام الذي تتلفظ به إنشاء الطلاق، أما إذا كان المقصود أنك تتكلم حاكيا الطلاق أو مخبرا عن طلاق سابق، فهذا لا يقع به الطلاق ـ ديانة ـ ولو قبل البينونة، وانظر الفتوى رقم: 117990.
2ـ أما بخصوص العدة: فكما فهمت أنها لا يصح أن تتزوج غيرك قبل انتهاء العدة، وأنت لا تملك رجعتها بغير عقد جديد.
3ـ الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية: أن الخلع فسخ لا يحتسب من الطلقات ـ ولو وقع بلفظ الطلاق، أو نوى الطلاق ـ قال في الفتاوى الكبرى: ثُمَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ تَنَازَعُوا: هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْخُلْعُ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ؟ أَوْ لَا يَكُونُ إلَّا بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَالْفَسْخِ وَالْمُفَادَاةِ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَنْوِيَ الطَّلَاقَ؟ أَوْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَهُ أَوْ لَا يَنْوِيَهُ، وَهُوَ خُلْعٌ بِأَيِّ لَفْظٍ، وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ؟ عَلَى أَوْجُهٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، أَصَحُّهَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَخِيرُ، وَهُوَ: أَنَّ الْخُلْعَ هُوَ الْفُرْقَةُ بِعِوَضٍ، فَمَتَى فَارَقَهَا بِعِوَضٍ فَهِيَ مُفْتَدِيَةٌ لِنَفْسِهَا بِهِ، وَهُوَ خَالِعٌ لَهَا بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ.
4ـ ما دام الطلاق قد وقع بشرط الإبراء، فهو طلاق بائن عند الجمهور، وهو المفتى به عندنا، وهو عند ابن تيمية فسخ، ولا يضر تنازلك لزوجتك عن شيء من صداقها أو غيره.
5ـ إذا أخذ الزوج بقول ابن تيمية في هذه المسألة، فلا حرج عليه أن يعمل بمقتضاه ولا يسجل الطلاق الثالث في المحاكم، لكن يجب أن يكون ذلك بناء على اطمئنانه لأن هذا القول هو القول الحق في المسألة وليس لمجرد تتبع الرخص ولو مع ظهور الدليل على خلاف الحكم، وانظر الفتوى رقم:5583.
والله أعلم.