عنوان الفتوى : صفة الضرب المباح
قرأت في إحدى فتاواكم أن للزوجة أن تطلب القصاص أو تعزير الزوج إذا ضربها ضربا مبرحا سواء كان هذا بسبب منها أو بغير سبب، طالما كان هذا الضرب مبرحا بمعنى أنه يكسر عظما أو يشين لحما. و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر من كلام أهل العلم أن الضرب المباح في حق الزوجة هو ضرب التأديب، وهو الذي يكون خفيفا لا تترتب عليه عاهة، ولا يسبب ألما شديدا. أما الضرب المبرح وهو الشديد فلا يجوز الإقدام عليه وهو الذي يترتب عليه تلف عضو أو ظهور أثر أو حصول ألم شديد عادة.
قال القرطبي عند تفسير آية النشوز: والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح ، وهو الذي لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها، فإن المقصود منه الصلاح لا غير ، فلا جرم إذا أدى إلى الهلاك وجب الضمان. انتهى
وقال الحطاب في مواهب الجليل المالكي: وقال المحب الطبري في القربى في الباب العاشر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم في شرح قوله : { واضربوهن ضربا غير مبرح } أي غير مؤثر ولا شاق , قال بعضهم : ولعله من برح الخفاء إذا ظهر يعني ضربا لا يظهر أثره تأديبا لهن. انتهى
وفى فتوحات الوهاب لسليمان الجمل الشافعي: ( قوله كما لا يضرب ضربا مبرحا ) وهو كما هو واضح ما يعظم ألمه عرفا، وإن لم تنزجر إلا به. انتهي
وبناء على ما تقدم فما ذكرته السائلة في المثالين المذكور يعتبر من الضرب المبرح الذي يشين لحما، فالزوج الذي ضرب زوجته بسلك كهربائي قد يترتب عليه بقاء أثر في جسدها إضافة إلى الألم الشديد الحاصل من هذا الضرب عادة.
أما الحالة الأخرى فهي أشنع وأشد حرمة وإثما لاشتمالها على الضرب على الوجه ـ مع بقاء أثر واضح أيضا ـ وقد ثبت النهي عن ذلك فعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت. صححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وفى الموسوعة الفقهية أثناء الحديث عن تأديب الزوجة: ويجب أن يكون الضرب غير مبرح , وغير مدم , وأن يتوقى فيه الوجه والأماكن المخوفة , لأن المقصود منه التأديب لا الإتلاف. انتهى
والضرب المبرح يبيح للزوجة طلب الطلاق لأنه من الضرر البين. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 116133 وبخصوص القصاص من الزوج إذا ضرب زوجته ضربا مبرحا، فقد سبق تفصيل حكمه وذلك فى الفتوى رقم: 107165 والفتوى رقم: 25387.
والله أعلم.