عنوان الفتوى : موقف المسلم ممن يعيبه ويسخر منه
هل المعايبة على الآخرين حرام وخصوصاً أنهم في بعض الأحيان هم الذين يبدأون بهذه المعايبة فيستفزونني لأعايب عليهم مثل ما عايبوا علي ، مثل أنا أعايب على طوله أو على سمكه أو نحافته؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمسلم مطالب بكف لسانه إلا عن ذكر الله تعالى أو عن قول لا إثم فيه، لأن كلام المسلم من جملة عمله وسيحاسب عليه إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
ومن الخطورة بمكان أن يطلق الإنسان لسانه فى أعراض المسلمين بالسب أو الشتم أو ذكر العيوب لحرمة ذلك وثبوت الوعيد الشديد فى شأنه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
وبخصوص حالة السائل الكريم فجوابها أنه يجوز له الرد بالمثل على من ذكر بعض عيوبه بقدر ظلمه فقط من غير زيادة، بشرط ألا يترتب على ذلك كذب فلا يذكره بعيب غير موجود فيه ولا يقذفه ولا يسب آباءه.
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام كما قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. ولا يجوز للمسبوب أن ينتصر إلا بمثل ما سبه ما لم يكن كذبا أو قذفا أو سبا لأسلافه. فمن صور المباح أن ينتصر بيا ظالم يا أحمق أو جافي أو نحو ذلك لأنه لا يكاد أحد ينفك من هذه الأوصاف. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وكذلك له أن يسبه كما يسبه: مثل أن يلعنه كما يلعنه . أو يقول : قبحك الله . فيقول : قبحك الله . أو : أخزاك الله . فيقول له : أخزاك الله . أو يقول : يا كلب ! يا خنزير ! فيقول : يا كلب ! يا خنزير ! فأما إذا كان محرم الجنس مثل تكفيره أو الكذب عليه لم يكن له أن يكفره ولا يكذب عليه . وإذا لعن أباه لم يكن له أن يلعن أباه ، لأن أباه لم يظلمه . انتهى.
لكن ننصح السائل بأن يضبط نفسه وألا يثيره استفزاز الآخرين بل يعفو ويصفح عمن ظلمه أو تناول عرضه فهذا أفضل وإن كان شديدا على النفس أحيانا لكنه محمود العاقبة قال تعالى : وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {الشوري:40}.
كما ننصحه بالبعد عن المجالس التي يكثر فيها الغلط والغيبة والسباب فإنها مفسدة للدين مضيعة للوقت وتكثر فيها المنكرات والمحرمات. وراجع المزيد في الفتوى رقم: 4535.
والله أعلم.