أرشيف المقالات

من الدرر البازية: رقائق ومواعظ للقلوب - فهد بن عبد العزيز الشويرخ

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
{بسم الله الرحمن الرحيم}
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: 
فالحياة الدنيا بمتعها وزينتها تجعل القلوب قاسية, مما يستلزم إذابتها بالمواعظ والرقائق المستمرة, وفي كتاب الله الكريم, وفي سنة رسوله علية أفضل الصلاة والتسليم أعظم الرقائق وأكبر المواعظ لمن قرأها واستمع لها بتدبر, وتأمل. 
ومن وفقه الله فأقبل على سماع المواعظ والتأثر بها, وتقبل النصائح والعمل به, فهذا من علامات الخير له, يقول سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: التفقه في الدين, والتعلم, وقبول النصائح, وحضور المواعظ والاستفادة منها, والإقبال بالقلب على ذلك من الدلائل على أن الله أراد بالعبد خيراً, والإعراض عن ذلك من الدلائل على أن الله أراد بالعبد شراً, نسأل الله العافية."
وما أجمل المواعظ والرقائق إذا صدرت من أصحاب القلوب اللينة الرقيقة, ومن هؤلاء في عصرنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله, صاحب القلب اللين الذي كان يرقُّ قلبه وتدمع عينه عند سماع كلام الله عز وجل, وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم, وعند سماعه ما يصيب المسلمين وما يحلّ بهم من مصائب وكوارث.
وله في مجموع الفتاوى كلام يرقق القلوب, جمعتُ ما تيسر منه, أسأل الله أن ينفع به.
الحذر أشدّ الحذر من كبائر الذنوب مع عدم الغفلة عن صغائرها لأنها غير منضبطة:
يجب على المؤمن أن يحذر أشدَّ الحذر من كبائر الذنوب وصغائرها, وأن يكون الحذر من الكبائر أشدَّ, مع عدم غفلته عن الصغائر, لأنها غير منضبطة, إذ ليس هناك نص واضح في التفريق بين الكبيرة والصغيرة, وإنما هي أقوال لأهل العلم , فإن كان ضبط الكبيرة من الصغيرة فيه شك فينبغي للعاقل الحازم أن يحذر سيئاتِه كلَّها, لئلا يقع في كبيرة يظنها صغيرة, فينبغي له أن يأخذ بالحزم ويحذر الذنوب كلها.
وقال رحمه الله: والحكمة في عدم تحديدها بنصوص واضحة للتحذير منها.
آيات الله الكونية للتخويف, وتحذير للعباد من التمادي في الطغيان:
ما يحصل في هذا الكون من آيات تهز المشاعر والأبدان كالصواعق والرياح الشديدة والفيضانات المهلكة, والزلازل, وما يسقط بسببها من شامخ البنيان, وكبار الشجر, وما يهلك بسببها من الأنفس, والأموال, وما يقع في بعض الأماكن من البراكين التي تتسبب في هلاك ما حولها ودماره, وما يقع من خسوف وكسوف في الشمس والقمر, ونحو ذلك, مما يبتلى الله به عباده, وهو تخويف منه سبحانه وتعالى وتحذير لعباده من التمادي في الطغيان, وحثّ لهم على الرجوع والإنابة إليه, واختبار لمدى صبرهم على قضاء الله وقدره, ولعذاب الآخرة أكبر ولأمر الله أعظم.
صور من العذاب المعجل للظالمين قبل يوم القيامة :
قوله عز وجل:  {وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك }  [الطور:47] يعني قبل يوم القيامة , هو ما يحصل لهم في الدنيا من أنواع العذاب من الغم والهم والقلق, وما يقع في صدورهم من الضيق والحرج والحيرة والشك, وما يكون لهم في القبور من العذاب المعجل قبل يوم القيامة, نسأل الله السلامة.
الظلم عاقبته وخيمة:
الظلم عاقبته وخيمة ودعوة صاحبه حرية بالإجابة..فجنس الظلم منكر وحرام على الظالم, ومن أسباب غضب الله عليه, ومن أسباب العقوبات العاجلة والآجلة, والمظلوم حري بالنصر, وحري بالاستجابة لدعوته سواء كان طيباً أو خبيثاً, وسواء كان مسلماً أو كافراً,...ثم إن كل عاقل في هذه الدار يشاهد من يظلم, ومن تؤخذ حقوقه, ومن يعتدي عليه في ماله وبدنه وغير ذلك, ثم يموت الظالم ولم يرد الحقوق, ولم ينصف المظلوم, فهل يضيع ذلك الحق على المظلومين المساكين المستضعفين ؟ كلا..فإن الخالق العظيم الحكيم العليم حددَّ للإنصاف موعداً ذلك الموعد هو يوم القيامة ينصف فيه المظلوم الذي لم يعط حقه في الدنيا كاملاً من الظالم, فينتقم منه ويعاقبه بما يستحق,....إن هذه الدار ليست دار جزاء ولكنها دار امتحان وابتلاء, وعمل وسرور وأحزان, وقد ينصف فيها المظلوم فيأخذ حقه فيها, وقد يؤجل أمره إلى يوم القيامة لحكمة عظيمة, فينتقم الله من هؤلاء الظالمين, كما قال سبحانه وتعالى:  { ولا تحسبن الله غافلاً عما يعملُ الظالمون إنما يؤخرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار}  [إبراهيم:42] ففي هذا اليوم الرهيب ينصف الله المظلومين, ويعطيهم جزاءهم, وينتقم لهم من الظالمين.
                               كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١