عنوان الفتوى : هل يطهر البلاط بجفاف النجاسة
أنا سؤالي حول تطهير الأرض فأنتم وكثير من الفقهاء يرون أنه يكفي في تطهير الأرض من النجاسة الشمس والريح والجفاف وهذا الذي أخذت به ، لكن حدث عندي إشكال مهم هل جميع الأرض يحصل بها هذا النوع من التطهير حتى ولو كانت الأرض مصقولة كأرضيات الحمام أو أي أرض في المنزل (أقصد بالأرض المبلطة التي يوضع عليها بلاط أي لا يوجد فيها مسامات وفراغات) هل تطهر كذلك بهذا الأمر أم لا تطهر؟ فلو جفت النجاسة وأتينا بماء بعد جفاف النجاسة كجفاف البول على هذا البلاط وقمنا بصب الماء على هذا المكان لعاد ظهور هذا البول. ما الحكم الشرعي في هذه المسألة؟ وأخيراً واعذروني على الإطالة فقد قرأت في بعض كتب أهل العلم أن النجاسة التي تكون على الأشياء المصقولة كالمرآة أو السكين تطهر بالمسح. فهل هذا صحيح؟ مع العلم أنهم يستدلون بفعل الصحابة بأنهم كانوا يكتفون بمسح السيوف من دم الكفار ومسح الجزار الدم على السكين، لكن أنا أريد أدلة أخرى حول هذا الموضوع فأنا مقلد لمن يقول إن الدم طاهر مطلقا عدا دم الحيض والنفاس ودم الحيوانات الغير مأكولة اللحم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من كون طهارة الأرض بالجفاف بالشمس والريح مذهب كثير من أهل العلم كلام صحيح، فهو مذهب الحنفية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا وإن كان قولا له اتجاه لكن الذي نراه أحوط وأبرأ للذمة هو موافقة قول الجماهير الذين يشترطون في طهارة الأرض أن يصب عليها الماء، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 62338، 367960، 100068.
والقائلون بطهارة الأرض بما ذكر يلحقون بها كل ما كان متصلا بها قائما عليها كالبناء ونحوه البلاط، ولا عبرة بكونه ذا مسام أو لا، بل المعتبر كونه متصلا بالأرض اتصال قرار.
قال ابن نجيم رحمه الله في البحر الرائق: ويشارك الأرض في حكمها كل ما كان ثابتا فيها كالحيطان والأشجار والكلأ والقصب وغيره ما دام قائما عليها فيطهر بالجفاف وهو المختار. كذا في الخلاصة، فإن قطع الخشب والقصب وأصابته نجاسة فإنه لا يطهر إلا بالغسل. انتهى.
وفي فتح القدير: وكذا الحصى حكمه حكم الأرض أما الآجرة المفروشة فتطهر بالجفاف وإن كانت موضوعة تنقل فلا. انتهى.
وإذا علمت هذا فإن صب الماء على الأرض لا يؤدي إلى ما ذكرته من ظهور النجاسة بل إن الماء يكون قد صب على ما هو طاهر على هذا القول، وأما على قول الجمهور فإن النجاسة لا تزال باقية حتى يصب عليها الماء وصب الماء على النجاسة إذا كوثرت النجاسة به يزيل النجاسة ولا يزيدها كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم :136667. فانظرها.
وأما طهارة الأجسام الصقيلة بالمسح فهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام رحمه الله، واستدلوا بما ذكرته وبأن المسح يزيل النجاسة من الجسم الصقيل فيحصل به المقصود.
قال ابن نجيم: قوله ( ونحو السيف بالمسح ) أي يطهر كل جسم صقيل لا مسام له بالمسح جديدا كان أو غيره. وإنما اكتفى بالمسح لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقتلون الكفار بسيوفهم ثم يمسحونها ويصلون معها ولأنه لا يتداخله النجاسة وما على ( ( ظاهره ) ) ) يزول بالمسح. انتهى بتصرف.
فهذا ما رأيناهم استدلوا به فإن ظهر لك وإلا فالقول قول من يوجب الغسل، وما استدلوا به من فعل الصحابة ناهض جدا على القول بنجاسة الدم، وهو قول الجماهير وحكاه غير واحد إجماعا، وممن نقل الإجماع في ذلك الإمام أحمد رحمه الله.
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: وسئل أحمد رحمه الله : الدم والقيح عندك سواء فقال : لا الدم لم يختلف الناس فيه والقيح قد اختلف الناس فيه. ولذا فنحن نرى أن الصواب هو القول بنجاسة الدم.
والله أعلم.