عنوان الفتوى : وجوب أداء جميع حقوق الزوجة إذا أراد زوجها طلاقها
أنا امرأة متزوجة مند أكثر من ست سنوات، اشتغلت خارج البيت طيلة هذه المدة لمساعدة زوجي على أعباء الحياة ومتطلبات البيت، عشنا هذه المدة كلها في سعادة وهناء وطمأنينة، والشيء الوحيد الذي كان ينقصنا هو الإنجاب، ذلك أن الله سبحانه وتعالى لم يرزقنا أطفالا، رغم ترددنا على عدة أطباء. كان زوجي يشتغل ليلا، وكنت أشتغل نهارا، وكنا نقضي يوما واحدا في الأسبوع مجتمعين سويا مع بعضنا، فكان يغمرني بالكلمات الرقيقة، والعبارات العذبة الجميلة، و عبارات الغزل والمدح، وكان يشعرني أنني بالنسبة إليه كل شيء في الوجود، وأنه بدوني لا يستطيع العيش والحياة، وباختصار شديد فقد كان نعم الزوج لي، وكنت أيضا نعم الزوجة له. تمكنا بعون الله خلال مدة زواجنا من اقتناء مسكنين متواضعين، فأثثنا واحدا وجهزناه وسكنا فيه، لكن الثاني لم نكمله بعد بالأداء، وكانت الأيام تمر تلو الأيام، والليالي تلو الليالي، حتى حدثت الفاجعة. ففي شهر مارس 2010، اتصل بي زوجي عبر الهاتف وكنت في العمل، ناصحا إياي أن لا أعود للبيت، وأن أتوجه مباشرة إلى مسكن والدي لأنه قام بترحيل جميع أثاث البيت ومحتوياته، مضيفا أنه قرر أن يطلقني، ومعللا ذلك بكونه لم يعد يطيق الحياة بدون أطفال. استحوذ على كل شيء: فراش البيت و أثاث المطبخ ومستلزماته، بل طمع حتى في ملابسي و مجوهراتي، ولما اتصل به أخي ليقنعه بأن يرجع لي مجوهراتي، أجابه باستخفاف أنه سيبيعها قصد أداء نفقة الطلاق، وما سيبقى منها سيقوم بإنفاقه على زواجه الجديد، معللا بكون حالته المادية ضعيفة، وكونه في أمس الحاجة إلى ثمن تلك المجوهرات، أما أنا فحسب قوله: لا حاجة لي بالمال والمجوهرات لأني سأعيش مع والدي. انهارت قواي وجسدي، واسودت الدنيا أمامي، وانهمرت الدموع غزيرة من عيني، لقد أخذ مشاعري وأحاسيسي على حين غرة ورمى بها في مهب الريح، وترك قلبي يئن وينزف، وفؤادي الجريح يتألم، وقلبي ينفث الآهات والزفرات، ولولا الألطاف الربانية لأصبت بالشلل أو بعاهة مستديمة. اتصلت بوالدته وطلبت منها الحضور لتعاين ما حدث، وبالفعل حضرت إلى البيت ولما رأته فارغا، تأسفت شديد الأسف وأشهد أمام الله أنها أدت مسرحية ناجحة بكل المقاييس: تخريجا وتمثيلا وأداء، فأقسمت بأغلظ الأيمان أن لا علم لها بما فعل ابنها، و أنكرت عليه شديد الإنكار ما قام به، و طمأنتني وطيبت خاطري بأن تتدخل لدى ابنها أي زوجي لترجع الأمور لنصابها في ظرف أسبوع، فقمت على إثر ذلك بزيارة بيت والديه، لأكتشف الحقيقة المرة، لقد رفضا استقبالي بمنزلهما وطرداني، لأن جميع فراش بيتي و حوائجي وأغراضي مصادرة بمنزلهما. وقد قام زوجي بفعلته بتحريض و تخطيط ودعم كامل من والديه اللذين خيرا ابنهما بين أن يكون ابنا بارا بهما ويقوم بتطليقي دون قيد أو شرط، وبهذه الطريقة المهينة، أو يعصيهما ويكون عاقا لوالديه. الآن وقد تجاوزت بصعوبة كبيرة، وبعناء شديد أصعب مرحلة في حياتي وأخطرها على الإطلاق بفضل الله ومنته، أطلب منكم أن تبينوا ما حكم ما قام به هذا الرجل في شرع الله، فزوجي يفتخر أمام الناس بكونه قام بعمل بطولي، وبكون كل ما استحوذ عليه من أثاث وحلي وتجهيزات منزلية اقتنيناها جميعا أنا وإياه حلال عليه، لأن قانون مدونة الأسرة المغربية لا يجرم فعل السرقة بين الزوجين. للإشارة فقط فزوجي لا يزال مدينا لأخي ولزوج أختي بمبالغ مالية، ولا يدرون ما سيؤول إليه مصير أموالهم. أخبروني بالله عليكم : أهكذا يكون الجزاء ؟ أهذه هي المروءة ؟ أهكذا تكون الرجولة و الشهامة ؟ أهذه وصية رسول الله بالنساء خيرا ؟ أهذه هي أنفة الرجال الكرام ؟ أهذه هي أسمى معاني النبل والبطولة ؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأثاث البيت يختلف الحكم في ملكيته تبعا لاختلاف الأحوال، فإذا كان الزوج قد قام بشراء جهاز منزله وقد دفع المهر لزوجته كاملا، فهذا الجهاز -الأثاث أو العفش- ملك له، لا حق للزوجة فيه ما لم يكن قد وهبه لها، وإذا كان الزوج لم يدفع مهراً وإنما قام بتجهيز البيت عوضاً عن المهر فهذا الجهاز ملك للزوجة لأنه يقوم مقام مهرها، وكذا الحال إذا كان قد اشتراه ووهبه لها، وإن كان الزوج والزوجة قد اشتركا في تجهيز البيت فما أتى به مما لم يكن في مقابل المهر يكون ملكاً له، وما أتت به هي أو أتى به الزوج وكان مقابل مهرها أو جزءاً منه فهو ملك لها، أما ما تم شراؤه بعد الزواج فما اشتراه الزوج فهو ملك له وما اشترته الزوجة من مالها فهو ملك لها ما لم يكن قد انتقل ملك أحدهما للآخر بهبة ونحوها، وإذا تقرر هذا فنقول:
إن كان الزوج قد قام بأخذ متاعك الذي تملكينه سواء بالأصالة أو ما ملكته بسبب المهر أو الهبة منه أو من غيره فهذا ظلم بين وإثم عظيم وأكل لأموال الناس بالباطل, ولقد أضاف إلى هذا جريمة عظيمة وهي التذرع بالقوانين الوضعية الباطلة لاستباحة ما حرمه الله، وقد قال سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء: 29}.
وعليه فإن الواجب على الزوج أن يرد جميع ما أخذه من مال زوجته وأن يوفيها حقوقها كاملة إذا أراد طلاقها, وتراجع حقوق المطلقة في الفتوى رقم: 9746.
والله أعلم.