عنوان الفتوى : هل على من شرع في القيام من التشهد سجود سهو
من نوى وهو في التشهد الأول أو الثاني أن يقوم ثم لم يقم بشكل كامل وإنما رفع فخذيه قليلا عن الأرض ثم عاد. أيعد ذلك قياما وزيادة في الصلاة توجب السلام بعده ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن الزيادة في الصلاة لا توجب السلام بعدها وإنما توجب سجود السهو إن وقعت سهوا وكانت مما يشرع له سجود السهو، وأما إن وقعت عمدا فإن كانت مما يبطل الصلاة لزم استئنافها وإلا فإنه يمضي فيها ولا شيء عليه، ثم إن كان مرادك -كما هو الظاهر لنا- أنك تسأل عن سجود السهو في الحال المذكورة وهي إذا ما شرع في القيام حيث لا يشرع له القيام ولم يستتم قائما ثم ذكر، فاعلم أن الواجب في هذه الصورة هو الرجوع إلى الجلوس، وهل يسجد للسهو في هذه الحال أم لا؟ محل خلاف بين العلماء ذهب بعضهم إلى أنه لا يسجد؛ لحديث المغيرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ , فَقَامَ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ , فَاسْتَتَمَّ قَائِمًا , فَلْيَمْضِ , وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ , وَإِنْ لَمْ يَسْتَتِمْ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ , وَابْنُ مَاجَهْ , وَاَلدَّارَقُطْنِيُّ , وَاللَّفْظُ لَهُ. قال الحافظ في البلوغ: بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ . وحسن الألباني الحديث.
وقد بسط الخلاف في المسألة الصنعاني في السبل فقال ما لفظه: وفي الحديث دلالة على أنه لا يسجد للسهو إلا لفوات التشهد الأول لا لفعل القيام لقوله: ولا سهو عليه. وقد ذهب إلى هذا جماعة. وذهبت الهادوية وابن حنبل إلى أنه يسجد للسهو لما أخرجه البيهقي من حديث أنس أنه تحرك للقيام من الركعتين الأخريين من العصر على جهة السهو فسبحوا فقعد ثم سجد للسهو. وأخرجه الدارقطني والكل من فعل أنس موقوف عليه إلا أن في بعض طرقه أنه قال هذه السنة، وقد رجح حديث المغيرة عليه لكونه مرفوعا ولأنه يؤيده حديث ابن عمر مرفوعا: لا سهو إلا في قيام عن جلوس أو جلوس عن قيام. أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي وفيه ضعف. ولكن يؤيد ذلك أنها قد وردت أحاديث كثيرة في الفعل القليل وأفعال صدرت منه صلى الله عليه وسلم ومن غيره مع علمه بذلك ولم يأمر فيها بسجود السهو ولا سجد لما صدر عنه منها. انتهى.
وصرح الحنابلة بلزوم السجود في هذه الحال. جاء في حاشية الروض: وإن فارقت أليتاه عقبيه لزمه السجود للسهو، وإلا فلا. انتهى.
واستحبه الشافعية إذا كان إلى القيام أقرب منه إلى القعود.
وبهذا كله يتبين لك أنه إن سجد في هذه الحالة فقد قال بمشروعية السجود جماعة من أهل العلم فلا حرج عليه في متابعتهم وإن لم يسجد فكذلك. واعلم أن مجرد نية القيام دون فعل لا يشرع السجود لها عند أحد من العلماء فيما نعلم.
والله أعلم.