عنوان الفتوى : هل يتزوج بثانية مع العجز عن مؤنة الزواج

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا متزوجة من ثلاث سنوات، ومنذ بداية زواجي وزوجي يتكلم في موضوع التعدد بشكل مستمر سواء على سبيل المزاح أو الجد، أو عن أي شخص تزوج وهذا يؤذيني كثيراً، مع العلم أنه غير قادر تماما على الزواج ويقول إن الأمور المادية ليست هي العائق وإنما ينتظر تحسن الحالة الإيمانية لنا أولا. فهل فعلا لا يشترط القدرة المادية في الزواج؟ وما مدى صحة الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي يشتكي الفقر بالزواج؟ وما الأفضل بالنسبة للرجل المستقر مع زوجته أن يبقي عليها وحدها أم يتزوج عليها رغم أني غير مقصرة في حقوقه باعتراف منه؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا خلاف في إباحة تعدد الزوجات إذا كان الرجل قادراً على مؤنة الزواج ويعلم من نفسه القدرة على العدل بين زوجاته، أما إذا كان الرجل غير قادر على مؤنة الزواج فهل يجوز له الإقدام عليه؟ هذا محل خلاف بين العلماء، فالشافعية والحنابلة يرون جواز ذلك.

 قال النووي: الفصل الأول فيمن يستحب له النكاح: الناس ضربان: تائق إلى النكاح وغيره، فالتائق إن وجد أهبة النكاح استحب له سواء كان مقبلاً على العبادة أم لا، وإن لم يجدها فالأولى أن لا يتزوج ويكسر شهوته بالصوم فإن لم تنكسر به لم يكسرها بالكافور ونحوه بل يتزوج.. وأما غير التائق فإن لم يجد أهبة أو كان به مرض أو عجز بجب أو تعنين أو كبر كره له النكاح لما فيه من التزام ما لا يقدر على القيام به من غير حاجة. روضه الطالبين.

وقال ابن قدامة في المغني: ... وظاهر كلام أحمد أنه لا فرق بين القادر على الإنفاق والعاجز عنه، وقال ينبغي للرجل أن يتزوج فإن كان عنده ما ينفق أنفق وإن لم يكن عنده صبر، ولو تزوج بشر (يعني بشر الحافي) كان قد تم أمره، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح وما عنده شيء ويمسي وما عنده شيء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا لم يقدر إلا على خاتم حديد ولا وجد إلا إزاره ولم يكن له رداء. أخرجه البخاري، قال أحمد في رجل قليل الكسب يضعف قلبه عن العيال: الله يرزقهم التزويج أحصن له ربما أتى عليه وقت لا يملك قلبه فيه. وهذا في حق من يمكنه التزويج فأما من لا يمكنه، فقد قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ. انتهى.

وأما المالكية فيرون عدم الجواز.

 قال الحطاب: قال في الشامل ومنع لمضر بالمرأة لعدم نفقة أو وطء أو كسب محرم... مواهب الجليل لشرح مختصر خليل.

 ولكن إن رضيت المرأة الرشيدة بإسقاط حقها في النفقة فلا حرج في ذلك.

 قال الدسوقي: ... يقيد المنع بما إذا لم تعلم المرأة بعجزه عن الوطء وإلا جاز النكاح إن رضيت وإن لم تكن رشيدة وكذلك الرشيدة في الإنفاق. حاشية الدسوقي.

وأما الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الرجل الذي يشتكي الفقر إلى الزواج، فقد رواه الثعلبي من رواية الدراوردي عن ابن عجلان: أن رجلا أتى النبي فشكا إليه الحاجة والفقر فقال: عليك الباءة. قال الشيخ الألباني: فهذا مع أنه معضل، فلا ندري ما حال الإسناد إلى ابن عجلان. السلسلة الضعيفة.

وأما عن الأفضل للرجل المتزوج بواحدة ولا حاجة له في الزواج، فالظاهر والله أعلم أن اقتصاره على زوجته أفضل ما لم تكن هناك حاجة ترجح مصلحة الزواج الثاني، وهذا هو الراجح من مذهب الحنابلة.

 قال المرداوي: ويستحب أيضاً أن لا يزيد على واحدة إن حصل بها الإعفاف على الصحيح من المذهب. الإنصاف.

 وانظري لذلك الفتوى رقم: 116176.

والله أعلم.