عنوان الفتوى : الصلاة في أوقات النهي ... بين المانعين والمجيزين
السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد نشكر لكم خدمتكم في توعية كل من أراد الاستفسار عن دينه، ولكم كل الشكر وجعله الله في ميزان حسناتكم أما بعد قبل أيام ذهبت للصلاة في المسجد لصلاة المغرب، وكان دخولي للمسجد قبل الغروب بقليل أي قبل الأذان بدقيقتين) وكما أنا معتاد عند دخولي المسجد وقبل جلوسي أقوم بصلاة تحية المسجد، وكان هناك رجل آخر يصلي، فصليت تحية المسجد، وما إن انتهيت حتى أذن المغرب، وفي هذا الوقت دخل بعض المصلين وقالوا لي: إن الصلاة في هذا الوقت مكروهة لدرجة التحريم مهما أريد من تلك الصلاة (أي ولو كانت هذه الصلاة لرجل فاتته صلاة العصر) فأرجو منكم الفتوى في ذلك، وماهي الأوقات التي تحظر بها صلاة النافلة، وما هي الصلوات التي لو فعلها صاحبها في هذا الوقت لم يكن عليه حرج ؟ جزاكم الله خيراً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس".
وروى مسلم والنسائي وأبو داود وغيرهم عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب" .
والأحاديث في هذا الباب كثيرة، ومحصلها نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد طلوعها حتى ترتفع. ومقدار ما بين طلوعها وارتفاعها المطلوب هنا هو: ربع ساعة تقريباً.
وعند استواء الشمس في كبد السماء أي قبل دخول وقت الظهر بدقائق، وعند اصفرار الشمس حتى تغرب، وقد أجمعت الأمة - كما قال الإمام النووي -رحمه الله - على كراهة صلاة لا سبب لها في هذه الأوقات، واتفقوا على جواز أداء فريضة ذلك الوقت، واختلفوا في النوافل التي لها سبب كصلاة تحية المسجد، وسجود التلاوة، وسجدة الشكر، وصلاة العيد، والكسوف، والجنازة، وقضاء الفوائت، ومذهب الشافعي وطائفة من أهل العلم جواز ذلك كله بلا كراهة، وحمل أصحاب هذا القول الأحاديث السابقة على أن المقصود بها الصلاة التي لا سبب لها، واستدلوا على ذلك بجملة أحاديث، منها الأحاديث التي ورد فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر، فإذا جاز قضاء السنة، فالسنة الحاضرة أولى، والفريضة المقضية أولى، وكذا صلاة الجنازة وغيرها من السنن التي لها سبب كما سبق.
وهذا القول في غاية القوة وبه تجتمع الأحاديث المختلفة، وذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- وآخرون إلى المنع من جميع الصلوات في هذه الأوقات إلا صلاة ذلك الوقت، واستدلوا بعموم الأحاديث المذكورة في أول الجواب، والمذهب الأول أرجح دليلاً.
والله أعلم.