عنوان الفتوى : تقيم الصلاة بعد تكبيرة الإحرام.
أمي منذ سنوات عندما تصلب تقيم الصلاة بعد تكبيرة الإحرام. فهل صلاتها كل هذه السنين كانت باطلة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في كون ما كانت تفعله أمك من الخطأ العظيم، فقد قصرت في تعلم ما يلزمها تعلمه مما تصح به صلاتها وما تبطل به، فعليها الآن أن تستغفر الله من تقصيرها في تعلم العلم الواجب عليها، وأما صلواتها الماضية فإن حكمها ينبني على خلاف العلماء في كلام الناسي والجاهل هل يبطل الصلاة أو لا؟ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس.
وإقامة الصلاة تشتمل على ما فيه كلام الناس وهو قول المقيم حي على الصلاة، فإن حي اسم فعل بمعنى أقبل، وهو خطاب لآدمي فهو من كلام الناس المنهي عنه بلا شك، ولكن الراجح من أقوال العلماء أن من تكلم في صلاته ناسيا أو جاهلا بالحكم فصلاته صحيحة، وذلك لقوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286} وقال الله في جوابها: قد فعلت. أخرجه مسلم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر معاوية بن الحكم بإعادة صلاته حين تكلم فيها جاهلا بأن الكلام يبطلها.
قال في حاشية الروض تعليقا على قول البهوتي: وسواء –أي في إبطال الصلاة- كان الكلام عمدا أو سهوا أو جهلا" قال ابن قاسم معلقا: " وأما الكلام سهوًا أو جهلاً فعلى الصحيح من المذهب، وعنه لا يبطلها، وفاقا لمالك والشافعي وجمهور العلماء من السلف والخلف، وجميع أئمة المحدثين، واختاره أبو البركات وابن الجوزي والناظم والشيخ وغيرهم، لقصة ذي اليدين، وهي في الصحيحين وغيرهما من طرق، فإن كلامه صلى الله عليه وسلم وكلام أصحابه لمصلحة الصلاة، وعلى سبيل السهو، ولا فرق بين الجاهل بالتحريم أو الإبطال والناسي، لحديث معاوية بن الحكم حين تكلم في صلاته، ولم يأمره بالإعادة رواه مسلم، وكان في آخر الأمر، قال النووي: وتأويل الحديث صعب على من أبطلها. انتهى.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: الكلام المتعمد في أثناء الصلاة يبطلها، إلا في حق الجاهل والناسي ، فإنه لا يبطلها على القول الراجح ؛ لحديث معاوية بن الحكم. انتهى.
والله أعلم.