عنوان الفتوى : متى تتحتم إزالة المنكر
أنا منذ أن كنت صغيرة أتولى مسح أي شيء إباحي أو غير أخلاقي من على الكمبيوتر أو التلفزيون أو ما شابه ذلك، نظرا لأنني أجيد استعمال هذه الأجهزة وأستطيع تمالك نفسي أمام هذه الأشياء، ولم تجتمع هاتان الصفتان في أي فرد غيري، ولكن المشكلة أنني الآن في مرحلة المراهقة وأصبحت أشعر بأن هذه المشاهد تؤثر فيّ حتى أنني أصبحت أحيانا أمارس العادة السرية بعد هذه المشاهد رغم أنني لم أتخيل يوما أنني قد أمارس هذه العادة الحقيرة. فهل عليّ إثم إذا تركت الأمور لحالها وابتعدت عن مسح الأفلام الإباحية إذ إن أخي مازال يقوم أحيانا بتنزيل الأفلام التي تحتوى على مشاهد إباحية؟ أم يجب أن أقوم بذلك لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس رغم شعوري بأنني غير قادرة على القيام بهذا العمل بعد الآن؟ مع ملاحظة أنه يجب أن أشاهدها حتى أتمكن من مسحها, لأن المشهد يجب أن يصل إلى حد معين لكي أتمكن من مسحه. وماذا يجب أن أفعل بخصوص العادة السرية التي أصبحت أحتقر نفسي بسببها؟ إذ إنني أصبحت أمارسها ثم أندم وأتوب وأقسم على عدم الرجوع إليها ثم أعود إليها مرة أخرى وأتوب ....وهكذا حتى أصبحت أشعر بأنني لم أتب بالفعل رغم رغبتي الشديدة في الابتعاد عنها، ويعلم الله أنني في كل مرة أكون عازمة بالفعل على التوقف و لكن بلا فائدة. فهل من الأفضل أن أنتظر حتى أجد نفسي قد ابتعدت بالفعل عن ممارستها ثم أتوب إلى الله حتى أشعر بأنني أنفذ ما أقوله؟ أم أتوب بعد كل مرة أقوم فيها بذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمشاهدة الأفلام الإباحية حرام، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3605 ، وسبق بيان كيفية التخلص من ذلك في الفتوى رقم:53400.
وأمّا عن وجوب إزالتك لهذه المنكرات، فإن لم يكن غيرك يعلم بها أو لم يكن غيرك يقدر على تغييرها فهو واجب عليك ما دمت قادرة على ذلك ولم يترتب عليه مفسدة أكبر منه، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أنّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال : مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ.
قال النووي: ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو. شرح النووي على مسلم.
وانظري مراتب تغيير المنكر في الفتوى رقم : 22063
لكن إذا فرض أنّ إزالتك لهذه الأفلام تستلزم مشاهدتك لشيء منها فذلك غير جائز ، وإنما إذا أمكنك إزالتها دون مشاهدة شيء منها لزمك، وإلا فلا تعرضي نفسك للفتنة ولا يستدرجنك الشيطان فالسلامة لا يعدلها شيء، والواجب عليك التوبة الى الله مما سبق من مشاهدتك لهذه المنكرات ومناصحة أخيك باجتنابها.
أمّا ما يتعلق بالعادة السرية فقد سبق بيان تحريمها وكيفية التخلص منها في الفتويين :5524 ، 7170
والواجب عليك التوبة منها فوراً ولا تسوّفي التوبة بحجة أنك تعودين للذنب فذلك من ألاعيب الشيطان وخداع النفس، وعليك أن تعقدي العزم على عدم العود للذنب ولست مطالبة بالانشغال بما يكون في غد فهو في علم الله وحده، و على فرض أنّك ستعودين إلى الذنب فإنّ التوبة الصحيحة تمحو ما قبلها فتكوني قد ربحت مغفرة ما كان قبل التوبة، ثمّ اعلمي يقيناً بأنّ العبد لاحول له ولا قوة إلا بالله، فإذا التجأت إلى الله وطرحت نفسك بين يديه وأظهرت له ضعفك وعجزك وطلبت منه العون على التوبة فلا شكّ أنّه سيجيبك ويحول بينك وبين المعصية وينزع محبتها من قلبك، وذلك على الله يسير.
والله أعلم.