عنوان الفتوى : كيف يتصرف الورثة إذا لم يعلموا قدر الربا في التركة
كان والدي ضابطا عراقيا، فأرسلته الدولة إلى فرنسا للدراسة، ففتح رصيدا هناك منذ سنة 82 ثم توفي سنة 91، ونحن كنا أطفالا، والآن نحن ورثته فهل يجوز لنا أخذ ذلك المال؟ وهل يعتبر هذا المال ربا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن البنك المذكور في فرنسا بنك ربوي، وعلى ذلك ففوائده من الربا المحرم قطعا، والمال الحرام لا يطيب للورثة على الصحيح، بل يجب عليهم رده إلى مالكه، فإن لم يتيسر ـ كما هو الحال في السؤال ـ وجب التخلص منه بإنفاقه في سبل الخير ومصالح المسلمين.
وعلى ذلك، فإن تيسر لكم معرفة رأس المال الأصلي وتمييزه عن الفوائد الربوية، فالتركة التي تقسم على الورثة من هذا المال هي رأس المال، كما قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279}.
وأما الفوائد فقد عرفتم حكمها. فإذا لم يمكنكم تمييز ذلك فأخرجوا قدر الحرام بالاجتهاد، فإن خفي الأمر تماما فلا بأس أن تقسموا المال نصفين، فترثوا نصفه وتخرجوا نصفه.
قال النووي في (المجموع): من ورث مالاً ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراماً وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): أما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه؛ إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به. والباقي لا يحرم عليه ... وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما، جعل ذلك نصفين. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9616 .
وإذا كان الورثة فقراء، فهم كغيرهم من الناس في إمكان الانتفاع بهذه الفوائد؛ لأنهم لم يكتسبوها بأنفسهم، فيأخذون منها بقدر حاجاتهم، لا بحسب أنصبتهم في التركة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35958.
والله أعلم.