عنوان الفتوى : لا يلزم الغسل إلا باليقين الجازم بخروج ما يوجب الغسل
أنا كنت مبتلى بوسواس الطهارة وهذا الامر كان يتعبني كثيرا وشفيت منه الحمد لله بفضل الله ثم فضلكم لكن هذه الأيام عاد لي وأصبح مثل الاول وأصبحت كثيرة الهم والتفكير ، يخيل غلي دائما أنني أحتلم في المنام وعند ما أستيقظ لا أرى سائلا ولا رائحة الذي أراه فقط هو رطوبة، علما بأنها أحيانا تكون من آثار الاستنجاء بعد الوضوء عند صلاة الفجر وأصبحت أضطر للغسل وهذا الأمر يرهقني كثيرا. فأرجو منكم إرشادي ونصيحتي رجاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنحن دائما نرشد إلى أن علاج الوسوسة هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها وألا يعيرها المكلف أي اهتمام، ولذا فنحن ننصحك بهذا وأن تترك التفكير في هذه الوساوس تماما بل عليك أن تمضي في عباداتك بصورة طبيعية غير مكترث بما يعرض لك من شكوك وأوهام، وانظر الفتوى رقم: 51601.
فإذا شككت في كونك قد احتلمت فالأصل عدم حصول هذا فلا تلتفت إلى هذا الشك ولا يلزمك الغسل حتى يحصل لك اليقين الجازم بأنه قد خرج منك ما يوجب الغسل، وقد ضبط بعض السلف هذا بأن يحصل له اليقين الذي يقدر أن يحلف عليه.
واعلم أن الوسواس كلما عالجه المكلف على صورة نبت على صورة أخرى وأتى في شكل جديد كما حصل معك، والعلاج هو قطع دابر الوسوسة والإعراض عنها على أي صورة أتت وفي أي شكل وردت، ونسوق لك كلاما نفيسا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين فيه هذا الأمر بوضوح
فقد قال رحمه الله: وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد وأن يقول إذا قال لم تغسل وجهك: بلى قد غسلت وجهي . وإذا خطر له أنه لم ينو ولم يكبر يقول بقلبه: بلى قد نويت وكبرت . فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس، فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه، وإلا فمتى رآه قابلا للشكوك والشبهات مستجيبا إلى الوساوس والخطرات أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه موردا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة. انتهى.
فحذار من أن تجعل قلبك مرتعا للوساوس ولما تلقيه فيه الشياطين، بل عليك بالمبادرة بالأخذ بهذا العلاج النافع إن شاء الله. نسأل الله لك ولجميع المبتلين بهذا الداء الشفاء والعافية.
والله أعلم.