عنوان الفتوى : حكم وصف المسلم بأنه زنديق
هل يجوز لشخص أن يطلق على أحد بأنه زنديق، مع أنه لا يملك الحجة؟ وما نصيحة فضيلتكم له؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالزندقة لغة: الضيق، وقيل: الزنديق منه، لأنه ضيق على نفسه، والزندقة عند جمهور الفقهاء إظهار الإسلام وإبطان الكفر، فالزنديق هو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر، قال الدسوقي: وهو المسمى في الصدر الأول منافقاً، ويسميه الفقهاء زنديقاً.
وعند الحنفية وبعض الشافعية الزندقة: عدم التدين بدين، أو هي القول ببقاء الدهر واعتقاد أن الأموال والحرم مشتركة. انظر الموسوعة الفقهية الكويتية.
وعليه، فوصف المسلم بالزندقة يعني وصفه بالكفر الأكبر المخرج من ملة الإسلام، وهذا أمر خطير لا يجوز القيام به إلا إذا توفرت فيه الشروط التي تستلزم كفره وانتفت الموانع التي تمنع من تكفيره، ولا يكون هذا إلا ممن رسخت قدمه في علوم الشريعة وعلم حال الشخص وعلم أن الحجة الشرعية قد أقيمت عليه، ويزداد الأمر خطورة إذا كان الشخص يكفر غيره أو يتهمه بالزندقة بلا حجة شرعية وبدون مراعاة ضوابط تكفير المعين عند أهل السنة والجماعة، فتكفير المعين قبل إقامة الحجة عليه وإعذاره لا يجوز، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين ـ وإن أخطأ وغلط ـ حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. مجموع الفتاوى.
وقال ـ رحمه الله: التكفير العام كالوعيد العام يجب القول بإطلاقه وعمومه، وأما الحكم على المعين بأنه كافر أو مشهود له بالنار: فهذا يقف على الدليل المعين، فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه. الفتاوى.
فالمسألة خطيرة وصاحبك على خطر إن لم يتب من اتهام غيره بالزندقة بلا حجة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما أمرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه. رواه البخاري ومسلم.
وقد بينا ضوابط التكفير، ومتى يحكم به، وخطورة التسرع فيه في الفتاوى التالية أرقامها: 721، 14489، 4132، 106396، 35564 ، فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.